أقول: لو اعتنى بارع بتأليف تفسير على هذه الكيفية، وجعل المحور الذي يدور عليه والأصل الذي يمتلك منه هو القرآن، ولم يأت بهذه الكتب بكاملها، ما يلزم أن يأتي بهذه الكتب بكاملها، إنما يأتي بمقاصدها ما يحتاجه طالب العلم، وهذه الكتب فيها تكرار كثير، يستغنى عن كثير منها ببعضه، هذا يجعل طالب العلم يتحد قصده وهمه إلى كتاب الله -جل وعلا-، ولا تأتي مناسبة فيها حديث عن النبي -عليه الصلاة والسلام- إلا يورده، وأيضاً إذا كان هناك مجال لبيان إعرابي أو بلاغي، أو ما أشبه ذلك يورده، فطالب القرآن يكتفي به عن غيره، وهذا هو الأصل، مثل ما قلنا: لا تجد في عصر السلف كتاب تفسير يعني مستقل، كتاب عقيدة مستقل، كتاب فقه مستقل، لا، ينطلقون من نصوص الوحيين ويفهمونها؛ لأنهم عرب بالسليقة، والكتاب والسنة بلغة العرب، فلا يحتاجون إلى علوم تخدم لفهم الكتاب والسنة، هي مخدومة بالسليقة، لكن أهل العلم صنفوا في الفنون ونوعوها وحددوها تيسيراً على طلاب العلم، لكن مع هذا التيسير قد يحصل شيء من التشتيت، وقد يحصل الغفلة عن أهم المهمات، قد تجد طالب العلم يتخصص تبعاً لهذا التيسير وهذا التقسيم، تجده يتخصص في علم من العلوم، ويغفل عن ما عداه، فالذي يتخصص بالسنة قد يكون من أجهل الناس بكثير مما يتعلق بالقرآن والكريم، والعكس تجد من يتخصص بالتفسير يجهل علوم السنة، ومن يتخصص بالفقه تجد معوله على التعليلات، تبعاً لما صنف في هذا الفن، وكثير من استدلالات الفقهاء فيها ما فيها، لماذا؟ لأنه جرد الفقه عن الوحيين، لكن من تخصص في الفقه، وجعل معوله على الكتاب والسنة هذا طيب، من تخصص في الأصول وتعمق فيه واستغرق وقته في هذا التخصص تجده يغفل عن المهمات في العلوم الأخرى، وأما من تخصص في اللغة العربية، وضاع وقته في قراءة كتبها المطولة والمختصرة رغم أهميتها لا نقول: إن العربية لا نحتاج إليها، بل طالب العلم بأمس الحاجة إلى علم العربية، لكن هل كل طالب العلم يحتاج أن يقرأ شرح المفصل لابن يعيش في ثمانية أجزاء في عشرة أجزاء، ليس بحاجة فهو يبحث عن شرح سيبويه، أو يبحث عن كتب النحو المطولة، ليس بحاجة إلى هذا، يكفيه من ذلك البلغة، وكما قال أهل العلم: