الشقي والأشقى الذي جاءه الخبر عن الله وعن رسوله فلم يرفع به رأساً، أمر فلم يأتمر، ونهي فلم ينته، ولم يزدجر، مثل هذا -نسأل الله السلامة والعافية- شقي، وسيصلى نار جهنم، نسأل الله العافية "بحكمة" يعني لا بظلم من الله -جل وعلا- وإنما بحكمة؛ لأن الله -جل وعلا- هداه النجدين، وبين له الطريق، وأوضح له السبيل، وأنار له الطريق المستقيم، وتركه النبي -عليه الصلاة والسلام- على البيضاء لا يزيغ عنها إلا هالك، فاختار طريق الردى، والناس كلهم يدخلون الجنة إلا من أبى، فمن أطاع النبي -عليه الصلاة والسلام- دخل الجنة، ومن عصاه فقد أبى، فالذي يأبى بعد البيان لا يلوم إلا نفسه، وإنما هي الأعمال تحصى، فمن وجد خيراً فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه، فالشقي يصلى النار بحكمة الله -جل وعلا- وعدله، يعني بما كسبت وبما جنت يداه.
"وكذا التقي" يعني من جعل بينه وبين عذاب الله وقاية، وكذا التقي الفاعل المأمورات، والمجتنب للمحذورات "إلى الجنان سيدخل" فريق في الجنة، وفريق في السعير، ولا ثالث لهما، فليختر الإنسان ما دام في وقت الإمكان يختار نجاة نفسه، وما ينجيه من عذاب الله -جل وعلا-، ولا يمهل ولا يسوف أو يتأخر بالامتثال أو يتردد، ثم يفاجأ بالموت وهو لم يستعد.
وهما فريقان كما قال الله -جل وعلا-: {فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ} [(٧) سورة الشورى] والله -جل وعلا- لما خلق الخلق ميز المكلفين بالعقول التي هي مناط التكليف، وبين لهم وهداهم إلى السبيل، فالذي يختار غيره يجني على نفسه.
ولكل حي عاقل في قبره ... . . . . . . . . .
يعني لكل حي يعني قبل وفاته، عاقل: يعني مكلف، يعني من كان حياً عاقلاً مكلفاً إذا مات وُجد في قبره
. . . . . . . . . ... عمل يقارنه هناك ويسألُ
فالأعمال تصحب أصحابها، فإذا مات الميت تبعه أهله وماله وعمله، فيرجع المال من دابة ونحوها، مما يركب إليه، وكذلك يرجع الأهل ويبقى العمل.