قلت أنا في وقته: إن هذا كلام دقيق، والشارح تعرض له فيما يفيده المتواتر وقال: إنه يفيد العلم، لكن قد يقال: إنه يلزم عليه الدور؛ لأنا لا نعرف أنه بلغ حد التواتر حتى يفيد العلم، وكونه مفيداً للعلم مرتب على كونه متواتراً، واتقاءً لمثل هذا قال الشارح: إنه يفيد العلم أو إفادة العلم عنده لا به، عنده لا به، وذكرنا هذا أنه تأثر بقول الأشعرية الذين يقولون: إن التأثير حصل عند الأسباب لا بها، مثل الشبع حصل عند الأكل لا به، الشرب حصل عند الري لا به، وتعرضنا إلى كلام ابن القيم -رحمه الله- في مفتاح دار السعادة في حديث:((إن كان الشؤم ففي ثلاث: في المرأة والدابة والدار)) وقال ابن القيم: إن هذا يحصل الشؤم عندها لا بها، وقيل: عن ابن القيم حتى من بعض العلماء الكبار إن هذا تأثر بقول الأشعرية، وأنه لا يقبل حتى من ابن القيم، وهذا ما فهمته في أول ما تكلمنا على شرح الموطأ، ثم في الدرس الثاني تبين لي أنه يختلف عن قول الأشعرية، يختلف عن قول الأشعرية لماذا؟ لأن الثلاث: الدابة والدار والمرأة، هذه الثلاثة حصل التأثر، هل حصل بها؟ هل حصل التأثر بها أو عندها؟ بمعنى أن هذا الرجل الذي لم يتزوج هذه المرأة، أو اشترى هذه السيارة، أو اشترى هذه الدار، وحصلت له هذه المصائب بعد اقتناء هذه الأمور الثلاثة، هل لو اشترى دابة أخرى، أو سكن داراً أخرى، أو تزوج امرأة أخرى، يحصل له هذا وإلا ما يحصل؟ إن كان ما يحصل له مثل هذه المصائب التي قد كتبت عليه، قلنا: إن التأثر كان بها لا عندها؛ لأنها هي اللي أثرت فهي سبب في التأثير، وإذا قلنا: إن هذه المصائب التي كتبت عليه بعد سكنى هذه الدار، وبعد تزوجه هذه المرأة، وبعد اقتنائه هذه الدابة هو مكتوب عليه، سواءً اشترى هذه الدار أو داراً أخرى، أو اشترى هذه الدابة أو دابة أخرى، تزوج هذه المرأة أو امرأة أخرى، قلنا: إن التأثير حصل عندها، يعني عند وجودها، لا بها، وحينئذ يكون الكلام صحيحاً، لا بها، يعني ليست هي السبب، بمعنى أنه لو كانت امرأة ثانية حصل عندها هذا المقدر، دابة ثانية حصل عندها هذا المقدر، داراً ثانية حصل عندها هذا المقدر، فليست هي المؤثر، وإنما هذا أمر كتبه الله عليه سواء