مقتضى قولهم: قديمة، ومن ذلك صفة الكلام على ما سيأتي، الكلام قديم، كله قديم عندهم، ولذلك يقولون في الحديث في شرح حديث وهو ما أضيف إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- أطلق عليه حديث؛ لأنه في مقابلة القديم، يعني في مقابل القرآن، القرآن والسنة، في مقابلة القديم، ويريدون بذلك أن صفة الكلام صفة قديمة، بنوعها وآحادها، وأن الله -جل وعلا- تكلم في القدم في الأزل، ولا يتكلم بعد ذلك، كلامه واحد في كتبه الذي أنزلها على الرسل واحد، إن عبر عنه بالعربية صار قرآناً، وإن عبر عنه بالسريانية صار إنجيلاً، وإن عبر عنه بالعبرانية صار توراةً وهذه المسألة أشرنا إليها في درس العصر، في درس التوحيد، وقلنا: إن هذا الكلام باطل، باطل؛ لأن هل نقول: إن قوله -جل وعلا-: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا} [(١) سورة المجادلة]، نزل على موسى، ونزل على عيسى، ونزل على نوح، ونزل على داود، لكنه يترجم من لغة إلى لغة؟ هل يمكن أن يقال مثل هذا؟ لا يمكن أن يقال مثل هذا، والنبي -عليه الصلاة والسلام- لما سمع منه ورقة بن نوفل أول ما نزل من القرآن اقرأ، وكان يترجم الكتاب بالعربية، يترجم الكتب القديمة بالعربية، التوراة والإنجيل يعرفها ويحفظها ويترجمها بالعربية ما قال هذا عنده صعب، هذا موجود عندي اقرأ باسم ربك الذي خلق، والخطاب لمن؟ الأمر لمن؟ هل يؤمر محمد -عليه الصلاة والسلام- بأن يقرأ فيما أنزل على عيسى أو موسى؟ هذا الكلام باطل، لا أصل له، ولا معتمد له، ولا حظ له من النظر، ولا حظ له من النظر.
إن جبناه على العصر على كون داود -عليه السلام- يقرأ القرآن ريثما تجهز له الخيل، دل على أنه يسرع، يمكن يقرأ القرآن وثلاثين جزء ستمائة صفحة والخيل تجهز، إلا بهذا، ما يمكن ترتيل، استدلوا به على جواز، نقول: لا، ما هو بصحيح، هذا جاري على مذاهبهم في كون الكتب واحدة، ما أنزل على داود وما أنزل على محمد، إلا أن ذاك بلغته وهذا بلغته، وكل هذا ليتوصل إلى أن الله -جل وعلا- لا يتكلم، تكلم في الأزل وانتهى خلاص، هذا دليل، وهم لا يثبتون، هذا في الصفة التي يثبتونها، نعم.