"له الحياة والكلام"، والكلام فالله -سبحانه وتعالى- تكلم في الأزل، ويتكلم متى شاء بحرف وصوت، يسمع، فقد نادى القريب، وناجى، نادى البعيد وناجى القريب على ما يليق بجلاله وعظمته، لا نقول أنه مثل نداء المخلوق يا فلان، {قَالَ اللهُ يَا عِيسى ابْنَ مَرْيَمَ} [(١١٠) سورة المائدة]، أو نقول: إنه يناجي القريب على الصفة التي نعهدها عند المخلوق أبداً، إنما تثبت له الصفة على ما يليق بجلاله وعظمته، والكلام وإن كان قديم النوع، لكنه متجدد الآحاد فهو يتكلم، تكلم في الأزل، ويتكلم متى شاء إذا شاء، ولا نتعرض لهذه الصفة ببيان الكيفية ولا نقول: إنه يلزم من الكلام كذا، يلزم أن يكون هناك شفتان، ولسان وأضراس، تعالى الله، ما نثبت لله إلا ما أثبته لنفسه، ولا نتعدى القرآن والحديث، ولا نتعدى القرآن والحديث.
كلام الله منه ما نزل على الأنبياء ودون في الصحف وفي الألواح، ونقل عن جبريل عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، ما يتعلق بنا في المصحف الموجود بين الدفتين كله كلام الله، تكلم به، أوحاه، أو تكلم به إلى جبريل، وجبريل نزل به إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، منجماً في ثلاث وعشرين سنة حسب ما تقتضيه الأحوال، وكونه نزل كاملاً إلى السماء الدنيا كما أثر عن ابن عباس، ثم صار ينزل حسب الأحداث والوقائع من أهل العلم من يقول: إن هذا منكر.
هاه منكر، لماذا؟ لأنه يدل على أنه تكلم به مرة واحدة، وهو موقوف على ابن عباس، ومنهم من يثبته ويقول: لا مانع أن يكون الله -جل وعلا- تكلم به، كما يقدر الأشياء قبل وقوعها، ثم بعد ذلك تقع حسب ما تقتضيه الأحوال.