أعجزهم، وهم ممن بلغ الذروة في الفصاحة والبلاغة وتحداهم الله -جل وعلا- أن يأتوا بمثله، ثم تحداهم أن يأتوا بعشر سور من مثله، وقال: لو أنهم اجتمعوا وتظاهروا وتعانوا على أن يأتوا بمثله ثم بعد ذلك عجزوا، تحداهم أن يأتوا بعشر سور، ثم تحداهم أن يأتوا بسورة، والسورة كما تكون طويلة تكون قصيرة، كما تكون طويلة تكون قصيرة، فحصل التحدي بأقصر السور، ومع ذلك في باب التحدي المتحدى يحاول جاهداً بكل ما أوتي من قوة أن يدفع عن نفسه العجز، ولو استطاع أن يستعين بأحد مهما كلفه ذلك لفعل، والعرب هم أهل الفصاحة والبلاغة، يعني كل أمة تكون معجزة نبيها الكبرى فيما اشتهر عندهم، فاشتهر السحر في قوم موسى، واشتهر الطب في قوم عيسى، فحصل التحدي في باب السحر بالنسبة لموسى، وحصل التحدي بالطب، بإحياء الموتى، بإبراء الأكمه والأبرص في بالنسبة لعيسى، وحصل التحدي بالقرآن؛ لأن من بعث فيهم النبي -عليه الصلاة والسلام- أهل فصاحة وبلاغة والقرآن هو الغاية في هذا الباب الذي لا يستطيع أحد أن يأتي بسورة من مثله.