للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

الآجال التي ضربت للمخلوقات بحيث إذا جاءت لا يمكن أن يزاد فيها ولا ينقص، {إذا جاء أجلهمْ لا يسْتأْخرون ساعة ولا يسْتقْدمون} [(٣٤) سورة الأعراف]، إذا جاء، وهل في هذا ما يمنع من الزيادة بسبب صلة الرحم؟ ((من سره أن يبسط له في رزقه وينسأ له في أثره)) هل يعارض هذا ما تقرر من تقدير الآجال؟ أما على قول أن الزيادة في الرزق والأجل زيادة معنوية، وهو أنه يبارك للبار في عمره وفي رزقه هذا ما فيه إشكال، يعني عمره ثلاثين أربعين خمسين، ما يزاد فيها، وقد يبارك فيها، فينتج فيها ما ينتجه من يعمر مائة سنة فأكثر، مثل ما سمعنا في ترجمة الشيخ حافظ، -رحمه الله-، وأنه ولد سنة اثنتين وأربعين، ومات سنة سبع وسبعين خمس ثلاثين سنة، وقد يعيش الإنسان ضعف أو ثلاثة أضعاف يزيد على المائة، ولا ينتج في هذا العمر شيء، وإن كان من ينتسب إلى العلم، وإن كانت لديه أهلية الإنتاج، لكن ما يبارك له في عمره، وأما بالنسبة للأرزاق فكم من إنسان حصل الأموال الطائلة، ولم يستفد منها، بل لم يستفد منها البتة، ومن الناس من يكون رزقه كفافا أو قريبا من الكفاف ومع ذلك يعيش سعيدا بهذا المال القليل؛ لأنه بورك له فيه، ومن أهل العلم من يرى أن الزيادة حقيقية، الزيادة حقيقية، وأن الإنسان قد يكتب له في الصحف التي بأيدي الملائكة عمر ستين سنة، ثم بعد ذلك يفعل السبب المقتضي للزيادة فيصل رحمه ثم يزاد عشرة سنين أو عشرين سنة، فالمتغير هو الذي بأيدي الملائكة، وأما ما في علم الله -جل وعلا- فإنه لا يتغير، {يمْحو الله ما يشاء ويثْبت وعنده أمّ الْكتاب} [(٣٩) سورة الرعد]، عمر يقول: "اللهم إن كنت كتبتني شقيا فامحني، واكتبني سعيدا" فالذي بأيدي الملائكة هو الذي يتغير، والذي في علم الله -جل وعلا- هذا لا يمكن أن يتغير.

"مقدر الآجال" على هذا اللفظ مثل ما سمعنا أن الآجال محددة ومقدرة في اللوح المحفوظ، ولكنها قد تزيد بفعل بعض الأسباب، وأما ما عند الله فلا يتغير.

<<  <  ج: ص:  >  >>