"مسبب الأسباب" جاعل التأثير في هذه الأسباب، ولا شك أن الأسباب لها أثر، بجعل الله -جل وعلا- هذا الأثر فيها، وأما كونها تؤثر بنفسها فلا، خلافاً للأشعرية الذين يقولون: هذه الأسباب لا تؤثر أصلا، ووجودها مثل عدمها، حتى قال القائل منهم: إن أعمى الصين يجوز أن يرى بَقة الأندلس، يعني العجب لا ينتهي من مثل هذا الكلام، يعني كبار، كبار جداً في عقولهم وذكائهم، يعني ما هو بهذيان هذا الكلام، لكنه بسبب ما أصلوه، وما قعدوه مما لم يرجعوا فيه إلى الكتاب والسنة، والعقل إذا لم يكن زمامه وخطامه وسائقه وحاديه نصوص الوحيين لا بد أن يضل، لا بد أن يضيع، أعمى الصين في أقصى المشرق يجوز أن يرى بقة الأندلس، لماذا؟ لأن البصر سبب، والسبب وجوده كعدمه، ويأتينا أن المؤلف على ما سيأتي بسطه إن أدركناه، نعم -إن شاء الله-، تأثر بمثل هذا الكلام وقال في خبر المتواتر: أن العلم يحصل عنده لا به، هذا كلام الأشاعرة، أن الشبع يحصل عند الأكل لا به، والري يحصل عند الشرب لا به، الإبصار يحصل عند الإبصار لا به، السمع يحصل عند، أو يحصل عند الاستماع أو الحاسة لا بها، هذا كلامهم، هاه.
طالب:. . . . . . . . .
هو كلام دقيق يحتاج إلى فهم، ومناسبة ذكر الأسباب أولا: المعتزلة يرون أن الأسباب مؤثرة بذاتها، وهذا لا شك أنه قدح في الشرع، قدح في الديانة، في ديانة الشخص، والأشعرية يرون أن الأسباب لا أثر لها، وهذا نقص في العقل، طيب، هذه الأسباب الأعمى ما يبصر شيئا، ما يرى شيئا، والمبصر يرى، إذن السبب الذي هو الحاسة السليمة صار لها أثر، وإلا ما لها أثر؟ لها أثر، لكن من الذي جعل فيها هذه الأثر؟ هو الله -جل وعلا- الذي يستطيع أن يسلب هذا الأثر، الذي وضعه ويستطيع أن يسلبه، طيب.
هم يقولون: لا، هذه، السبب لا أثر له، طيب كيف يشوف؟ كيف يبصر المبصر؟ يقولون: حصل الإبصار عنده لا به، وأهل السنة يقولون: حصل الإبصار به؛ لأنه سبب، لكن لا بذاته، لا بجعل التأثير له، الله -جل وعلا- جعله سبباً مؤثراً، فيقولون: عنده، ما دام وجد هذا وجد هذا، وإن كان تذكرون في مسألة الطيرة والتشاؤم إن كان ففي الدابة والدار والزوجة، إن كان الشؤم ففي ثلاثة.