هذه قاعدة عند أهل السنة والجماعة أن كل ما دل الدليل الصحيح عليه فإنه يثبت لله -جل وعلا- على ما يليق بجلاله وعظمته من غير تمثيل، من غير ما تمثيل، {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [(١١) سورة الشورى]، {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} فيثبت {وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} وينفى المثل {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}، ثم أخذ يذكر أمثلة لهذه الصفات الثابتة
من رحمة ونحوها كوجهه ... ويده وكل ما من نهجه
من رحمة إثبات صفة الرحمة، {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ} [(١٥٦) سورة الأعراف]، {إِنَّ رَحْمَتَ اللهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ} [(٥٦) سورة الأعراف]، وتؤخذ من اسميه الرحمن، والرحيم، وهي صفة تليق بجلاله وعظمته، نثبتها كما أثبتها لنفسه، فلا نتعرض لها نفياً ولا تحريفاً عن معناها؛ لأن المبتدعة الذين ينفون هذه الصفة يؤولونها باللازم، بإرادة الإنعام، كما أنهم يؤولون ما يقابلها من الغضب والسخط بإرادة الانتقام، وكل هذا تحريف للكلم عن مواضعه، تثبت الصفة كما أثبتها الله.
"ونحوها كوجهه"، كوجهه الوارد في النصوص، كقوله:{وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ}{وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ} [(٢٧) سورة الرحمن]، {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ}{كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ} [(٨٨) سورة القصص]، فصفة الوجه ثابتة لله -جل وعلا- على ما يليق بجلاله وعظمته.
"ويده"، وكذلك اليد ثابتة بالنصوص القطعية من الكتاب والسنة، ودل الكتاب على أنهما يدان لله -جل وعلا-، {لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} [(٧٥) سورة ص]، {لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ}، {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ} [(٦٤) سورة المائدة]، وجاء أيضاً في السنة، وجاء في السنة ما يدل على أنهما اثنتان، والتثنية لا يدخلها المجاز، ما يقال: أطلق الاثنين وأراد الواحد، أو أطلق الاثنين وأراد الثلاثة، لا، الجمع يطلق ويراد به الواحد، والواحد يطلق ويراد به الجنس، لكن التثنية لا تقبل مثل هذه الاحتمالات، فهما يدان لله -جل وعلا- يثبتان كما جاء عنه وعن رسوله -عليه الصلاة والسلام-: ((وكلتا يديه يمين)).