للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

إيش معنى التفويض؟ يعني واحد كتب في الإنترنت أن التفويض هو مذهب السلف، التفويض هو مذهب السلف، وكلام المؤلف في شرحه كأنه يفهم منه هذا، هل معنى قولهم: أمروها كما جاءت، أنها لا معنى لها البتة، ولا يتعرض لمعانيها؟ ليس الأمر كذلك طيب إذن ما الفرق بين الإثبات بلا تمثيل، وبين التفويض؟ إثبات المعنى دون الكيفية، والتفويض نفي المعنى، يوضح ذلك أنه لو ذكر، طيب السفاريني هذا صاحب المنظومة من أهل فلسطين، وعاش قبلنا بمئات السنين وتوفي سنة ١١٨٨هـ، يعني كم؟ مائتين وأربعين سنة، مائتين وأربعين سنة، تجزم بأن السفاريني له صفات مثل صفات بني آدم، وتعرف أن له يد، وله رجل، وله، يعني مثل غيره؛ لأنه ما ذكر في ترجمته شيء يخالف غيره، لكن هل الكيفيات عنده، يده طويلة وإلا صغيرة أصابعه شثنى، لونه كذا، ما تدري عن شيء، لكن ما رأيته، ولا قيل لك: أنه يشبه فلان، من أجل أن تقرب، ولذا لو عرفت عالم في المشرق أو في المغرب اسمه زيد، زيد من الناس، تعرف أن زيد يشبه فلان الذي اسمه زيد في الاسمية، وليس مشبهاً لعكسه كديز، هذه الكلمة لها معنى، تعرف هذا المعنى، وليست طلسم مثل عكس زيد ديز، وأيضاً لكونك لم تره، ولم يوصف لك وصفاً دقيقاً، أو يضرب له مثال، يقال: مثل فلان، أن تعرف أن له صفات، لكن لا تدري ما كيفيات هذه الصفات، تدري عن كيفيات صفات شخص عاش في بلد بعيد لم تره، ولا وصف لك!، ولا قيل: إنه مثل فلان الذي تعرفه، تثبت له هذه الصفات، لكن كيفياتها لا تثبتها؛ لأنه ليس هناك وسيلة يمكن أن تنبذها من طريقه، ما في وسيلة يمكن، وهكذا ما جاء عن الله على ما وقفنا عليه، نعتقد أن لها معاني، وبعضها مفسر معناه، ولها حقائق، والحقائق مراده ومقصودة، لكن مع ذلك لا نعرف ما وراء ذلك من الكيفيات، وإذا عجزنا أن نعرف كيفية السفاريني المؤلف؛ لأننا لم نره، ولم يوصف لنا وصفاً دقيقاً ولا نظر بفلان الذي نعرفه فإننا لا نستطيع عن كيفية صفاته، هذا في المخلوق الذي هو أقرب الناس إلينا، فكيف بمن لا تبلغه الأفهام ولا تدركه الأوهام، -جل وعلا-.

والله أعلم، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.

<<  <  ج: ص:  >  >>