نعم هم يقررون أن العقائد يطلب لها العلم ولا يكفي فيها الظن كالعبادات والمعاملات يعني كالأحكام وعلى هذا فالظن الخبر الواحد لا يفيد إلا الظن، والظن لا يغني من الحق شيئا فيما يطلب له العلم من أبواب العقائد، وهذا الكلام ليس بصحيح، وهم جارين على أصولهم ومذاهبهم في أبواب الاعتقاد أنها لا يفيد فيها خبر الواحد شيئا، وإذا قلنا: أن مرادهم من ذلك نفي ما أثبته الرسول -عليه الصلاة والسلام- لربه، يعني إذا نفوا ما أثبت بطريق الآحاد لم يصف من ذلك من الباقي إلا القليل النادر جدا؛ لأن جل الأحاديث أخبار آحاد، ومسألة الإفادة خبر الواحد العلم وعدم إفادته العلم وهو الظن، أو احتفت به قرينة، المسألة معروفة الخلاف عند أهل العلم ولا أثر لهذا الخلاف وإن كان بعضهم يوجس من ذلك خيفة ويريد أن يقرر أن خبر الواحد ولو لم يكن متواترا يفيد العلم ليقطع الطريق على من يقول بأن العقائد لا تفيد إلا الظن، هذا لا يعنينا، نقول: وإن قلنا بقول الجمهور وأنه يفيد الظن سواء مطلقا، أو يفيد العلم إذا احتفت به قرينة، فإننا نثبت به العقائد كما أثبتنا به الأحكام، ومسألته اصطلاحية، ما معنى كون خبر الواحد يفيد العلم؟ يعني أنه مقطوع به، ولا يحتمل النقيض بوجه من الوجوه، لا يحتمل النقيض، بمعنى أنه لا يحتمل مخالفة الواقع ولا بنسبة واحد بالمائة، وإذا افترضنا أصح الأسانيد مالك عن نافع عن ابن عمر قلنا: إنه قد يقع الخطأ من واحد من هؤلاء، ومالك نجم السنن وقع منه ما وقع، حفظ عليه أخطاء، ولذا لا نقطع بأن كل ما يقوله مطابق للواقع، ووجود الراجح والمرجوح في الصحيح يقرر هذا، يعني لا يقال: إن الطرفين كلاهما مفيد للعلم، وإن صح.