لم تعتقد بعدكم إلا الوفاء لكم ... رأياً ولم نتقلد غيره دينا
لا تحسبوا نأيكم عنا يغيرنا ... إن طال ما غير النأي المحبينا
والله ما طلبت أهواؤنا بدلاً ... منكم ولا انصرفت عنكم أمانينا
ولا استفدنا خليلاً عنك يشغلنا ... ولا اتخذنا بديلاً منك يسلينا
يا ساري البرق غاد القصر فاسق به ... من كان صرف الهوى والود يسقينا
ويا نسيم الصبا بلغ تحيتنا ... من لو على البعد حياً كان يحيينا
يا روضة طال ما أجنت لواحظنا ... ورداً جلاه الصبا غضاً ونسرينا
ويا حياة تملينا بزهرتها ... منى ضروباً ولذات أفانينا
ويا نعيماً رفلنا من غضارته ... في وشي نعمى سحبنا ذيله حينا
لسنا نسميك إجلالاً وتكرمة ... وقدرك المعتلي عن ذاك يغنينا
إذا انفردت وما شوركت في صفة ... فحسبنا الوصف إيضاحاً وتبيينا
يا جنة الخلد أبدلنا بسلسلها ... والكوثر العذب زقوماً وغسلينا
كأننا لم نبت والوصل ثالثنا ... والسعد قد غض من أجفان واشينا
سران في خاطر الظلماء يكتمنا ... حتى يكاد لسان الصبح يفشينا
لا غرو أنا ذكرنا الحزن حين نهت ... عنه النهى وتركنا الصبر ناسينا
إنا قرأنا الأسى يوم النوى سوراً ... مكتوبة وأخذنا الصبر تلقينا
أما هواك فلم نعدل بمنهله ... شرباً وإن كان يروينا فيظمينا
لم نجف جمال أنت كوكبه ... سالين عنه ولم نهجره قالينا
ولا اختياراً تجنبناك عن كثب ... لكن عدتنا على كره عوادينا