٨٧ - سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ مُحَمَّدَ بْنَ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُقَيْلٍ، يَقُولُوا: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ هَاشِمٍ الْبَلاذُرِيَّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا السَّمْحِ مُسْلِمَ بْنَ سَعِيدٍ الْعُقَيْلِيَّ فِي غَوْرِ بَنِي عُقَيْلٍ فِي الْبَادِيَةِ، يَقُولُ: سَمِعْتُ الأَصْمَعِيَّ، يَقُولُ: «بَيْنَا أَنَا وَاقِفٌ بِعَرَفَاتٍ إِذَا أَنَا بِامْرَأَةٍ» ، وَهِيَ تَقُولُ: مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلا هَادِيَ لَهُ.
" فَعَرَفْتُ أَنَّهَا ضَلَّتْ، فَقُلْتُ لَهَا: يَا هَذِهِ أَضَلَلْتِ أَصْحَابَكِ؟ ".
قَالَتْ: {فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ} [الأنبياء: ٧٩] فَقُلْتُ: «مِنْ أَيْنَ أَنْتِ؟» .
قَالَتْ: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى} [الإسراء: ١] .
«فَعَرَفْتُ أَنَّهَا مِنْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ» .
فَقَالَ بَعْضُ مَنْ مَعِي: يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ هَذِهِ مِنَ الْخَوَرَاجِ.
فَقَالَتْ: {وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولا} [الإسراء: ٣٦] .
فَبَيْنَا نَحْنُ نُمَاشِيهَا إِذَا طَلَعْنَا عَلَى قِبَابٍ مَنْصُوبَةٍ، وَخِبَاءٍ مَضْرُوبَةٍ، فَقَالَتْ: {وَعَلامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ} [النحل: ١٦] .
فَعَرَفْتُ أَنَّهَا قِبَابُهَا.
فَقُلْتُ لَهَا: «يَا هَذِهِ مَنْ نَدْعُوا؟» .
قَالَتْ: {يَا دَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأَرْضِ} [ص: ٢٦] .
{يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ اسْمُهُ يَحْيَى} [مريم: ٧] .
{يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ} [مريم: ١٢] .
" فَنَادَيْتُ بِأَعْلَى صَوْتِي: يَا يَحْيَى، يَا زَكَرِيَّا، يَا دَاوُدُ، فَإِذَا أَنَا بِثَلاثَةِ إِخْوَةٍ كَاللآلِئِ ".
فَلَمَّا رَأَوْهَا قَالُوا: آمَنَّا وَرَبِّ الْكَعْبَةِ، قَدْ أَضْلَلْنَاهَا مُنْذُ ثَلاثٍ، فَلَمَّا رَأَتْهُمْ، قَالَتِ: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ} [فاطر: ٣٤] .
ثُمَّ أَوْمَأَتْ بِيَدِهَا إِلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ، فَقَالَتْ: فَلْيَذْهَبْ أَحَدُكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا.
فَعَرَفْتُ أَنَّهَا تَأْمُرُهُمْ أَنْ يُذَوِّدُونَنِي خُبْزًا، فَتَقَدَّمْتُ إِلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ، فَقُلْتُ: مَنْ هَذِهِ ".
قَالَ: هَذِهِ أُمُّنَا، مَا كَلَّمَتِ النَّاسَ مُنْذُ أَرْبَعِينَ سَنَةً، مَخَافَةَ الْكَذِبِ وَالْغَيْبَةِ، إِلا مَا يُوَافِقُ الْقُرْآنَ، " فَتَقَدَّمْتُ إِلَيْهَا، فَقُلْتُ لَهَا: يَا هَذِهِ أَوْصِنِي بِوَصِيَّةٍ ".
قَالَتْ: قُلْ: {لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} [الشورى: ٢٣] .
فَعَرَفْتُ أَنَّهَا شِيعِيَّةٌ "