المنزلة … وما يصيب المؤمن فى هذه الدار من إدالة عدوه عليه، وغلبته له، وأذاه له فى بعض الأحيان: أمر لازم، لابد منه، وهو كالحر الشديد، والبرد الشديد، والأمراض والهموم والغموم، فهذا أمر لازم للطبيعة والنشأة الإنسانية فى هذه الدار، حتى للأطفال والبهائم، لما اقتضته حكمة أحكم الحاكمين، فلو تجرد الخير فى هذا العالم عن الشر، والنفع عن الضر، واللذة عن الألم، لكان ذلك عالمًا غير هذا، ونشأة أخرى غير هذه النشأة، وكانت تفوت الحكمة التى مزج لأجلها بين الخير والشر، والألم واللذة، والنافع والضار، وإنما يكون تخليص هذا من هذا، وتمييزه فى دار أخرى، غير هذه الدار .. " (١).
وقال - أيضًا -: " أن يعلم أنه لولا محن الدنيا ومصائبها لأصاب العبد - من أدواء الكبر والعجب والفرعنة وقسوة القلب - ما هو سبب هلاكه عاجلًا وآجلًا فمن رحمة أرحم الراحمين أن يتفقده في الأحيان بأنواع من أدوية المصائب، تكون حمية له من هذه الأدواء، وحفظًا لصحة عبوديته، واستفراغًا للمواد الفاسدة الرديئة المهلكة منه، فسبحان من يرحم ببلائه، ويبتلي بنعمائه كما قيل: