الروح البدن. والكافر يغدِقُ عليه خالقُه نِعَم الدنيا، وهو يُدبِّر ثورةً مسلحة لمحاولة قلب النظام السماوي الذي وصفه خالقُ السموات والأرض.
فكيف يُنكرون حكمَ الله بقتله القِتلةَ الأدبية المذكورة وهو لو كان مثلُه قائمًا عليهم لقتلوه أعظم قتلة؟
وهذا يدلّ على سخافة عقولهم في إنكارهم المِلكَ بالرق وهم يُسوِّغون لأنفسهم ما هو أعظم منه، بل عُرف يقينًا من عادتهم أنهم يستعبدون كلَّ مَن قدَروا على استعباده من الأحرار بدون مبرّرٍ يقتضي ذلك، فتوزعهم عن الحكم بالرقّ صيانةً لحقوق الأنسانية في زعمهم الكاذب مع استعبادهم كلَّ مَن قدَروا على استعباده شرَّ استعباد شبيه بتورُّع القائل:
أُريدُ هِجاءَه وأخاف ربي ... وأعلمُ أنه عبدٌ لئيم
مع أن خالق السموات والأرض لما عاقب الكفار العقوبةَ المذكورةَ الشبيهة بالقِتْلة الأدبية لم يسلبهم حقوقَ الإنسانية سلبًا كليًّا، بل أوجب على مالكهم الرفقَ بهم، والإحسانَ إليهم، وأن يُطعموهم مما يَطعمون، ويكسوهم مما يلبسون، ولا يكلفوهم من العمل ما لا يطيقون، وإن كلفوهم أعانوهم كلما هو معلوم.
وبالجملة فقد بذل الكافر كلَّ ما في وُسعه ليحول دون إقامة نظام الله الذي شرعَه ليسير عليه خلقه، فينشر به في الأرض الأمنَ والطمأنينة والرخاءَ والعدالةَ والمساواة في الحقوق الشرعية، وتنتظم به الحياة من