اليوم، وما عذرهم بعد هذا البيان الشافي من الرسول صلى الله عليه وسلم مع وضوح الأدلة في هذه المسألة، وأما ما ثبت بالقرآن أن عيسى عليه السلام كان يخبرهم بما يأكلون وما يدخرون في بيوتهم، كما في قوله تعالى:{وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}[آل عمران: ٤٩](١) وأن يوسف عليه السلام كان ينبئهم بتأويل الطعام قبل أن يأتي إليهم. والذي حدث لرسولنا صلى الله عليه وسلم منه الكثير، مثل ما مر علينا قبل قليل من خبر الناقة وغيره كل ذلك من باب المعجزات، فكما جاء في الآية السابقة على لسان عيسى عليه السلام نفسه {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}[البقرة: ٢٤٨] فالآية هي المعجزة.
وبهذا تظهر لنا أهمية الإيمان بالغيب ومكانته في الإسلام، فهو صفة المؤمنين المتقين، وكل من يدعي علما بشيء من الغيب من تلقاء نفسه، يكون ضالا ومكذبا لخبر الله عز وجل. ونصوص الكتاب والسنة تبين أن علم الغيب من خصائص المولى تبارك وتعالى، وهذا يبين لنا حكم الذين يزعمون أنهم يخبرون عما سيقع في المستقبل من حوادث، أو يزعمون علم ما في نفس الإنسان، وغير ذلك من كذب ودجل وشعوذة، مما نجد له صورا في بعض الصحف والمجلات التي تحتوي على زاوية لقراءة حظ الإنسان، أو معرفة ما يقع له في المستقبل خلال معرفة الأبراج والكواكب، نسأل الله السلامة والعافية.