للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والعاصون من أمة محمد صلى الله عليه وسلم كلهم مؤمنون حقًا (١) وليسوا بكافرين.

وتقدير الخير والشر من الله تعالى، لأنه لو زعم أحد أن قدير الخير والشر من غيره، لصار كافرًا بالله تعالى، وبطل توحيده.

والثانية: نُقر بأن الأعمال ثلاثة؛ فريضة، وفضيلة، ومعصية:

فالفريضة بأمر الله ومَشيئتِه ورضائِه وقدره وتَخليقه وكتابته في اللوح المحفوظ.

والفضيلة ليست بأمر الله، ولكن بمشيئتِه ومحبته ورضائه وقدره وتخليقه وكتابته في اللوح المحفوظ.

والمعصية ليست بأمر الله، لكن بمشيئته لا بمحبته، وبقضائه لا برضائه، وبتقديره لا بتوفيقه، وبخذلانه وعلمه وكتابته في اللوح المحفوظ (٢) .


(١) ولا ينفي عنهم ذلك كونهم عصاة، فهم مؤمنون عصاة.
(٢) الأمر قسمان:
١ - كوني، كقوله تعالى: (إنما أمره إذا أراد شيئَاَ أن يقول له كن فيكون) ، وقوله: (وكان أمر الله مفعولا) ، وهو مختص بالإِيجاد والخلق.
٢ - شرعي ديني، بقوله: (إن الله يأمر بالعدل والإحسان) ، وقوله: (إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إِلى أهلها) وهو أمر تخييري ابتلائي، وليس هو بمعنى القضاء والقدر. انظر " شفاء العليل " لابن القيم: (٥٨٧ - ٥٨٨) . وقال الشيخ علي القاري: (والطاعات كلها واجبة بأمر الله تعالى وبمحبته، لقوله تعالى: (والله يحب المحسنين) ، وبرضائه، لقوله تعالى في حق المؤمنين: (رضي الله عنهم ورضوا عنه) ، وعلمه وقضائه وتقديره، أي: بمقدار قدَّره. والمعاصي كلها، أي: صغيرها وكبيرها، بعلمه وقضائه وتقديره ومشيئته، إِذ لو لم يردها لما وقعت، لا بمحبته، لقوله تعالى: (فإِن الله لا يحب الكافرين) ، ولا برضائه، لقوله تعالى: (ولا يرضى لعباده الكفر) ، ولأن الكفر يوجب المقت الذي هو أشد الغضب، وهو ينافي رضى الله المتعلق بالإيمان وحسنِ الأدب، ولا بأمره، لقوله تعالى: (قل إن الله لا يأمر بالفحشاء) ، وإِذاَ فهي داخلة في ذلك الأمر استحسانا. انظر " شرح الفقه الأكبر ": (٨٣ - ٨٤) .

<<  <   >  >>