للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

فقال الله له: {لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى} [طه: ٤٦] وجعل لهما سلطانًا من الآيات تقوم به الحجة، وتنخلع به قلوب الجبارين، وتمتلئ بالوهن والضعف، وبذلك يثبت موسى في ميدان الدعوة إلى اللهّ، فبات واثقًا بربه مؤمنًا بما يدعو إليه من الهدى والنور، وتجلى في حجاجه صولة الحق، وأحس من نفسه بالعزة والقوة، وبذلك ذلَّ جبروت فرعون، وتلاشى عنده تألّهه وتعاليه، ولم يعد يملك لموسى من الكيد إلا أن يرعد ويبرق، ويموّه ويخدع.

{وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ} [غافر: ٢٦]

ولم يكن ليأخذ على يديه أحد، ولا هناك من الأسباب الداعية ما يمنعه أن يبطش بموسى، فإن الدولة دولته، والجنود جنوده، لكنها عناية الله برسوله، وما آتاه من آيات، وسلطان قد بهر فرعون، وقطع نياط قلبه، ولم يملك- أيضًا- ملأ فرعون سوى أن يُثيروا حفيظته، ويُغروه بموسي ومن آمن به:

{وَقَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ قَالَ سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءَهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ} [الأعراف: ١٢٧]

<<  <   >  >>