للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واستجاب، فإذا أبت النفوس إلا الإعراض عن الحق والإصرار على الباطل جاءت الموعظة التي تطرق القلب، وتقرع مشاعر الإنسان (١) وجاء الترهيب ليتخذ طريقه إلى القلوب من خلال ما ركب فيها من غريزة الخوف.

روى البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: «لما نزلت: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} [الشعراء: ٢١٤] صعد النبي صلى الله عليه وسلم الصفا، فجعل ينادي: يا بني فهر. . . ثم قال صلى الله عليه وسلم: فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد» . . . الحديث (٢) .

وروى البخاري أيضا عن أبي موسى رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مثلي ومثل ما بعثني الله كمثل رجل أتى قوما فقال: رأيت الجيش بعيني وإني أنا النذير العريان، فالنجاء النجاء. .» الحديث (٣) .

وتروي كتب التفسير والسير حادثة تصور وقع الإنذار على قلب رجل مشرك حينما استمع إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ صدرا من سورة فصلت حتى بلغ قوله تعالى: {فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ} [فصلت: ١٣] فوضع هذا الرجل يده على فم رسول الله صلى الله عليه وسلم وناشده الرحم أن يكف مخافة


(١) د. عبد الفتاح عاشور، منهج القرآن في تربية المجتمع، ص ٢٤٩.
(٢) البخاري، صحيح البخاري، كتاب التفسير، باب وأنذر عشيرتك الأقربين واخفض جناحك (ك ٦٨ ح ٤٤٩٢) ٤ / ١٧٨٧.
(٣) البخاري، صحيح البخاري، كتاب الرقاق، باب الانتهاء عن المعاصي، (ك ٨٤ ح ٦١١٧) ٥ / ٢٣٧٨.

<<  <   >  >>