للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقوع العذاب (١) وإذا أصر الخصم على العناد وردّ الحق وإثارة الشبهات حول الداعية ودعوته فإن الداعية الحكيم يعرض دعوته حينئذ بالمجادلة بالحسنى، فيبطل شبه المشركين، وهذا ما سلكه الرسول صلى الله عليه وسلم مهتديًا بهدي من سبقه من أولي العزم من الرسل حيث جادلوا أقوامهم في بيان الحق وإبطال الشبه، وقد أشار الله تعالى إلى هذه المجادلة في كتابه الكريم، فقال تعالى في قصة إبراهيم عليه السلام الذي جادله قومه في ذات الله تعالى فأفحمهم: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ} [البقرة: ٢٥٨] (٢) ولما جادلت قريش النبي صلى الله عليه وسلم وبدأت تثير الشبه حول رسالته كان التنزيل الكريم يؤيده عليه الصلاة والسلام في دحض شبهاتهم وإبانة الحق، قال تعالى: {وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا} [الفرقان: ٣٣] (٣) أي: لا يأتونك بشبه في إبطال أمرك إلا جئناك بالحق الذي يدحض شبهة أهل الجهل، ويبطل كلام أهل الزيغ (٤) ومما يدل من السنة على قيامه صلى الله عليه وسلم بدحض شبه المشركين ما رواه الحاكم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «جاء العاص بن وائل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعظم حائل ففتّه فقال: يا محمد أيبعث هذا بعد ما أرم؟ قال: " نعم يبعث الله هذا، يميتك ثم يحييك ثم يدخلك نار جهنم "،


(١) انظر: القرطبي، الجامع لأحكام القرآن ١٥ / ٣٣٨.
(٢) سورة البقرة، الآية: ٢٥٨.
(٣) سورة الفرقان، الآية: ٣٣.
(٤) أبو حيان الأندلسي، تفسير البحر المحيط، ٦ / ٤٩٧.

<<  <   >  >>