سبحانَ مَنْ تنزّه جلالُ ذاتِهِ عن شوائبِ النسيانِ والغَلَطِ، وتقدّسَ كامِلُ صفاتِه عن سِماتِ المَيْنِ والشَطَطِ، ونُصَلِّي على فَخْرِ الرُّسُلِ وهادي السُّبُلِ مُحَمّدٍ الذي ما تعسّفَ في طريقِ الحقِّ وأساءَ قَطُّ.
وبَعْدُ فهذِهِ أوراقٌ سوَّدْتُها، وكلماتٌ أَوْرَدْتُها، من كُتِبِ اللغات، ورسائلِ الأئمةِ الثِقاتِ، التي صُنِّفَتْ في الردِّ على مَن ارتكبَ في كلامِهِ الغَلَطَ، وركبَ في صحاصِحِ الأوْهامِ مَطِيَةَ الشَطَطِ، وفتَح بالخرافاتِ فاه، واغترَّ بتُرهاتِهِ وتاه، إظهاراً للحقِّ والصوابِ، وإفصاحاً عمّا نَطَقَ به أولو الألبابِ، وسَمّيْتُها ب (خَيْرُ الكلامِ في التقصي عن أَغْلاطِ العَوامِ) ، ثم شَرَّفْتُها بالإتحافِ إلى المخدومِ السامي، المستغني عن الألقابِ والأسامي، زانَهُ اللهُ تعالى بالعلومِ الفاخرةِ، وزادَهُ شَرَفاً في الأولى والآخرةِ.
وها أنا أشرعُ في المقصود بعوِنِ الملكِ المعبودِ، معترفاً بقِصَرِ الباعِ وقِلّةِ الاطلاعِ، وسائلاً اللهَ السّدادَ، إنّهُ وليُّ التوفيقِ والرشادِ.
[حرف الألف]
قال الحريري في (درة الغواص (١)) : إنّهم يحذفون الألف من (ابن) في كل موضع يقع بعد اسم أو لَقَب أو كُنْية، وليس ذلك بمطّرد، بل يجب إثباتها في خمسة مواطن: أحدها إذا أُضيف (ابن) إلى مضمر، كقولك: هذا زيدٌ ابنك. والثاني إذا أُضيف إلى غير أبيه، كقولك: المعتضد بالله ابن أخي المعتمد على الله. والثالث إذا أُضيف إلى الأب الأعلى، كقولك: الحسن ابن المهتدي بالله.
(١) ص ٢٠٠، والحريري هو القاسم بن علي، صاحب المقامات، ت ٥١٦ هـ. (الأنساب ٤ / ١٣٨، نزهة الألباء ٣٧٩، إنباه الرواة ٣ / ٢٣) .