[المبحث الثالث القواعد والأحكام القضائية للوقائع الإرهابية]
[اشتمال العقوبات القضائية على جانبين]
المبحث الثالث
القواعد والأحكام القضائية للوقائع الإرهابية إن وظيفة القضاء في التعامل مع الإرهاب هي من أهم الوظائف العلاجية والوقائية لهذه الواقعة التي تعتبر مخلة بالأمن وتستهدف مدخرات الأمة وثرواتها، وإذا اجتمعت المنظومات العلاجية المتنوعة التي تحقق المعالجة السليمة لهذه الظاهرة فإنه يتم إيجاد الحلول المناسبة لدفع شر هذه الظاهرة، وإذا لم تجتمع فإنه يصعب القضاء على هذه الوقائع الإرهابية وإن تحقق تحجيمها أو تقليل شرها.
والعقوبات القضائية لا بد أن تشتمل على جانبين مهمين هما: * الجوانب الوقائية.
* والجوانب العلاجية.
ولذلك قال أهل العلم: إن العقوبات الشرعية يجب أن تكون رادعة للجاني عن العود إلى جنايته، وأن تكون زاجرة لغيره عن سلوك هذا الطريق والمضي فيه.
وأما ما يتعلق بالأحكام التي يجب أن تنزل على الجاني فإنها تختلف باختلاف ما اقترن بجنايته من الخلل، ولذلك لا بد من النظر إلى حال الجاني، وإلى جنايته، وإلى وَقْع هذه الجناية في المجتمع، فإن كان الجاني ممن تأصل الإجرام في نفسه فإن عقوبته تختلف عن المُبتدئ وعن المُغرر به، وكذلك الجناية التي تقع منهما، فليس إزهاق الأنفس البريئة والاعتداء عليها كالجنايات الصغيرة؛ وكذلك حال المجتمع فإن المجتمع المختل من الجوانب الأمنية له من المعالجة ما يختلف عن المجتمع الذي تقع فيه الحادثة بقلة وأمنه لم يتأثر بهذه الواقعة.
وإنني في هذا المقام أتعرض لأهم التدابير القضائية العلاجية والعقوبات الرادعة العامة وإلا فإنه يصعب حصر هذه القواعد وذلك لأن الوقائع تختلف، ويحدث للناس من القضاء على وفق ما أحدثوه من الوقائع، والقاضي كالطبيب يضع لكل علّة ما يناسبها من الأدوية مما يناسب الحال والمقام.