للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد أخذ الصحابة بالمنهج نفسه.

فهذا سلمان الفارسي رضي الله عنه - وهو أحد خريجي مدرسة النبوة - يحضر وليمة فيأكل حاجته، فيأمره المضيف بالزيادة من الأكل فيقول: حسبي، إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن أكثر الناس شبعا في الدنيا أطولهم جوعا يوم القيامة» (١) .

وهو بهذا ينبه مستمعيه إلى أن الإسراف في الأكل مذموم شرعا، فلا ينبغي تشجيع الناس عليه.

وهذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه يدخل عليه أحد الشباب لعيادته والاطمئنان على صحته بعد أن طعنه أبو لؤلؤة المجوسي - «فلما ولى الشاب إذا إزاره يمس الأرض، فقال عمر: ردوا عليَّ الغلام، فلما جاءه قال له عمر: " يا ابن أخي ارفع ثوبك، فإنه أبقى لثوبك، وأتقى لربك» (٢) .

وهذا عبد الله بن مسعود رضي الله عنه يدخل عليه خباب بن الأرت رضي الله عنه وقد تحلى بخاتم ذهب، فبعد جلسة علمية دارت حول القراءات التفت عبد الله بن مسعود إلى خباب وقال بأسلوب رقيق: " ألم يأن لهذا الخاتم أن يلقى؟ فقال خباب: أما إنك لن تراه عليّ بعد اليوم فألقاه " (٣) .

قال الحافظ بن حجر (ت ٨٥٢ هـ) : " وفي الحديث منقبة لابن مسعود وحسن تأنيه في الموعظة والتعليم، وأن بعض الصحابة كان يخفى عليه بعض الأحكام، فإذا نبه عليها رجع، ولعل خبابا كان يعتقد أن النهي عن لبس الرجال خاتم الذهب للتنزيه، فنبهه ابن مسعود على تحريمه فرجع إليه مسرعا " (٤) .


(١) رواه ابن ماجه في السنن، ك: الأطعمة - الباب ٥٠ ح / ٣٣٥١، وحسنه الشيخ الألباني (ينظر: صحيح سنن ابن ماجه ٢ / ٢٣٧.
(٢) رواه البخاري في صحيحه، ك: فضائل الصحابة - الباب ٨.
(٣) رواه البخاري في صحيحه، ك: المغازي - الباب ٧٤.
(٤) فتح الباري ٨ / ١٠١.

<<  <   >  >>