للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(ت ٦٠٦ هـ) : " الغالب على ذكر الإسراف الإكثار من الذنوب والخطايا، واحتقار الأوزار والآثام " (١) .

كما في دعائه صلى الله عليه وسلم: «اللهم اغفر لي خطيئتي وجهلي، وإسرافي في أمري، وما أنت أعلم به مني. . .» (٢) . الحديث.

هذا وثمة أحاديث جاءت في ذم الإسراف في المال، ولعل من أشهرها قوله صلى الله عليه وسلم: «إن الله حرم عليكم عقوق الأمهات، ومنعا وهات، ووأد البنات، وكره لكم قيل وقيل، وكثرة السؤال، وإضاعة المال» (٣) .

فهذا الحديث كما يقول الطيبي (ت ٧٤٣ هـ) : " أصل في معرفة حسن الخلق وهو تتبع جميع الأخلاق الحميدة، والخلال الجميلة " (٤) .

والشاهد فيه لموضوعنا الجملة الأخيرة منه (وإضاعة المال) وقد أطال الحافظ ابن حجر (ت ٨٥٢ هـ) الوقوف عندها.

حيث أشار أولا إلى الخلاف في المقصود بإضاعة المال، فالأكثرون على أنه الإسراف في الإنفاق، وقيده بعضهم بالإنفاق في الحرام، ثم قال: والأقوى أنه ما أنفق في غير وجهه المأذون فيه شرعا، سواء كانت - أي النفقة - دينية أو دنيوية فمنع منه. ثم أشار إلى الحكمة من النهي عن إضاعة المال لما في ذلك من تفويت مصالح العباد.

ثم أخذ في تفصيل الحكم في كثرة الإنفاق، وأن ذلك له ثلاثة أوجه:

الأول: إنفاقه في الوجوه المذمومة شرعا، فلاشك في منعه.

والثاني: إنفاقه في الوجوه المحمودة شرعا، فلاشك في كونه مطلوبا


(١) النهاية في غريب الحديث ٢ / ٣٦٢.
(٢) متفق عليه، صحيح البخاري، ك: الدعوات - الباب هـ ٦٠، وصحيح مسلم، ك: الذكر - ح / ٧٠.
(٣) متفق عليه - صحيح البخاري، ك: الأدب - الباب ٦، وصحيح مسلم، ك: الأقضية - ح / ١٤ ولفظ مسلم: إن الله حرم ثلاثا ونهى عن ثلاث، وذكرها.
(٤) نقلا عن فتح الباري: ١٠ / ٤٠٩.

<<  <   >  >>