للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بالشرط المذكور (١) .

والثالث: إنفاقه في المباحات بالأصالة كملاذ النفس، فهذا ينقسم إلى قسمين:

أحدهما: أن يكون على وجه يليق بحال المنفق وبقدر ماله فهذا ليس بإسراف.

والثاني: ما لا يليق به عرفا وهو ينقسم إلى قسمين أيضا: أحدهما ما يكون لدفع مفسدة فهذا ليس بإسراف، والثاني ما لا يكون في شيء من ذلك، فالجمهور على أنه إسراف، وذهب بعض الشافعية إلى أنه ليس بإسراف؛ لأنه تقوم به مصلحة البدن وهو غرض صحيح، وإذا كان في غير معصية فهو مباح له، قال ابن دقيق العيد: وظاهر القرآن يمنع ما قال.

ثم يرجح ابن حجر أنه ليس مذموما لذاته، ولكنه يفضي غالبا إلى ارتكاب المحذور، وما أدى إلى المحذور فهو محذور.

ثم نقل عن السبكي الكبير قوله: الضابط في إضاعة المال أن لا يكون لغرض ديني ولا دنيوي، فإن انتفيا حرم قطعا، وإن وجد أحدهما وجودا له بال وكان الإنفاق لائقا بالحال ولا معصية فيه جاز قطعا، وبين الرتبتين وسائط كثيرة لا تدخل تحت ضابط (٢) .

ونجد في السنة أحاديث أخرى - وهي نوع مختلف عما سبق - تحث على الاقتصاد في المعيشة والتوسط فيها.

كما في حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال صلى الله عليه وسلم: «ما عال من اقتصد» (٣) .

يقول المناوي (ت ١٠٣١هـ) : " ما عال من اقتصد في المعيشة أي ما افتقر من


(١) يقصد ما لم يكن فيه تفويت للمصالح والحقوق الأهم.
(٢) فتح الباري ١٠ / ٤٠٨ - ٤٠٩.
(٣) تقدم تخريجه في التمهيد: ص ٨.

<<  <   >  >>