للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال ابن عباس (ت ٦٨ هـ) : " من أنفق درهما في غير حقه فهو أسرف " (١) .

ويدخل في ذلك إرادة غير الله تعالى في الإنفاق كالرياء والسمعة.

وهذا النوع من النفقة، أعني الإنفاق في غير طاعة الله هو من الإسراف في المال إجماعا.

ويلتحق بذلك الإنفاق في الأمور المكروهة، ويدخل فيها كثير من صور التنعم والرفاهية، كالسفر إلى بلاد غير المسلمين بقصد السياحة، والتوسع في شراء المقتنيات الخاصة بالآثار، وشراء الصحف والمجلات بقصد إشباع غريزة حب الاستطلاع، ونحو التكلف في البناء والعمران، والمركبات، وإقامة الأفراح. وهلم جرا.

إن من يفعل ذلك ويغرق في الترف والنعيم غير مبال بما ينفق على نفسه أو أسرته هو جدير بأن يكون بخيلا على أمته وبلاده، بل إنه كما يقول الدكتور مصطفى السباعي (ت ١٣٨٤ هـ) : " إذا فتح ميدان من ميادين الخير يحتاج إلى ماله ومعونته عبس وبسر، ثم أدبر واستكبر، ثم ادعى لك الفقر، وزعم لك الضيق، وغالى في كساد التجارة وقلة الربح وعسر الحال. . . . . . وهؤلاء شر ما تبتلى بهم الأمم، وأنانيتهم من أشد أنواع الأنانية قتلا للأمة وإساءة إليها، وترى فيهم الجواد السخي في الولائم والضيافات. . . " (٢) .

(٢) وأما السرف في الخير، وهو الزيادة فيه، فهو فيما يظهر قسمان:

١ - تعدي الحدود المشروعة مما جاء ضبطه في الشريعة بنوع أو قدر أو عدد أو هيئة محدودة، فالزيادة هنا ابتداع في الدين لا يجوز مطلقا.

قال عليه الصلاة والسلام: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد» (٣) .


(١) المرجع السابق ١٣ / ٧٣.
(٢) أخلاقنا الاجتماعية ص١٨ المكتب الإسلامي.
(٣) متفق عليه (صحيح البخاري، ك: الاعتصام الباب ٢٠، صحيح مسلم، ك: الأقضية (ح / ١٧ - ١٨) .

<<  <   >  >>