للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ألوان الإفساد، ما لم يكن في ذلك مصلحة راجحة.

قال سبحانه: {وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا} [الأعراف: ٥٦] (١) .

يقول ابن كثير (ت ٧٧٤ هـ) : " ينهى تعالى عن الإفساد في الأرض، وما أضره بعد الإصلاح، فإذا كانت الأمور ماشية على السداد ثم وقع الإفساد بعد ذلك كان آخر ما يكون على العباد. . . " (٢) .

وقال سبحانه: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ - وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ} [البقرة: ٢٠٤ - ٢٠٥] (٣) .

وهذه الآية - كما يقول القرطبي (ت ٦٧١ هـ) : " تعم كل فساد كان، في أرض أو مال أو دين، وهو الصحيح إن شاء الله " (٤) .

وقريب من هذه الآية قوله تعالى: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ - أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ} [محمد: ٢٢ - ٢٣] (٥) .

يقول الشيخ الطاهر بن عاشور (ت ١٣٩٣ هـ) : " وفي الآية إشعار بأن الفساد في الأرض وقطيعة الأرحام من شعار أهل الكفر، فهما جرمان كبيران يجب على المؤمنين اجتنابهما " (٦) .

وهكذا يظهر أن الفساد جريمة اجتماعية تجب محاربتها وذلك أن من أهم مقاصد التشريع - كما يقول ابن عاشور -: " حفظ نظام العالم، واستدامة صلاحه بصلاح المهيمن عليه، وهو نوع الإنسان، ويشمل صلاحه صلاح عقله


(١) الأعراف: ٥٦، ٨٥.
(٢) تفسير القرآن العظيم ٢ / ٢٣١.
(٣) البقرة: ٢٠٤ - ٢٠٥.
(٤) الجامع لأحكام القرآن ٣ / ١٨.
(٥) محمد: ٢٢، ٢٣.
(٦) التحرير والتنوير ٢٦، ١١٣ بتصرف يسير.

<<  <   >  >>