للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وصلاح عمله وصلاح ما بين يديه من موجودات العالم الذي يعيش فيه، قال الله حكاية عن بعض رسله وتنويها به. . . {إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ} [هود: ٨٨] (١) .

وقال حكاية:. . {وَقَالَ مُوسَى لِأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلَا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ} [الأعراف: ١٤٢] (٢) فهذه أدلة صريحة كلية دلت على أن مقصد الشريعة إصلاح هذا العالم وإزالة الفساد منه، وذلك في تصاريف أعمال أهل العالم. . . . ولقد علمنا أن الشارع ما أراد الإصلاح المنوه به مجرد صلاح العقيدة وصلاح العمل بالعبادة كما قد يتوهم، بل أراد منه صلاح أحوال الناس وشئونهم في الحياة الاجتماعية، فإن قوله تعالى: {وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ} [البقرة: ٢٠٥] أنبأنا بأن الفساد المحذر منه هنالك هو إفساد موجودات هذا العالم. . . " (٣) .

وإذ عرفنا أن الفساد للبيئة وعناصرها مما حظره الشارع؛ فإن الإسراف في استعمالها والاستفادة منها يعد لونا من ألوان الإفساد.


(١) هود: ٨٨.
(٢) الأعراف: ١٤٢.
(٣) مقاصد الشريعة الإسلامية لابن عاشور ص٦٣ - ٦٥.

<<  <   >  >>