للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بنعمه، والاستهانة بها " (١) .

ذلك عما يتعلقّ بالإسراف في أكل الحرام وشربه، وفي الإنفاق على المواد الغذائية.

أما الإسراف بأكل ما زاد عن الحاجة وشربه فهو داخل في النهي في قوله تعالى:. . {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا} [الأعراف: ٣١]

يقول القرطبي (ت ٦٧١ هـ) : " قال ابن عباس: أحل الله في هذه الآية الأكل والشرب ما لم يكن سرفا أو مخيلة.

فأما ما تدعو الحاجة إليه وهو ما سد الجوعة، وسكن الظمأ فمندوب إليه عقلا وشرعا، لما فيه من حفظ النفس وحراسة الحواس، ولذلك ورد الشرع بالنهي عن الوصال؛ لأنه يضعف الجسد ويميت النفس ويضعف عن العبادة، وذلك يمنع منه الشرع ويدفعه العقل. . . . . وقد اختلف في الزائد على قدر الحاجة على قولين: فقيل حرام، وقيل مكروه، قال ابن العربي: وهو الصحيح فإن قدر الشبع يختلف باختلاف البلدان والأزمان والأسنان والطعمان " (٢) .

وقد تقدم (٣) قبل قليل نحو من هذا الكلام وأوسع منه عن أبي بكر الجصاص.

والإسراف هذا له أضرار بدنية ظاهرة.

ولهذا فإن الآية الكريمةَ المتقدمة. . . {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا} [الأعراف: ٣١] جاءت بنظام دقيق محكم بشأن الأكل والشرب، زاده إيضاحا الحديث الصحيح: «ما ملأ آدمي وعاء شرا من بطن، بحسب ابن آدم أكلات يقمن صلبه فإن كان لا محالة فثلث لطعامه، وثلث لشرابه، وثلث لنفسه» (٤) .


(١) عن مجلة البحوث الفقهية المعاصرة. العدد ٢٨، رجب - شعبان - رمضان ١٤١٦ هـ ص ٢٣٠.
(٢) الجامع لأحكام القرآن ٧ / ١٩١. بتصرف يسير.
(٣) في ص٥٩.
(٤) رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح (سنن الترمذي، ك: الزهد الباب ٤٧) .

<<  <   >  >>