للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يقول القرطبي: " قال علماؤنا: لو سمع بقراط هذه القسمة لعجب من هذه الحكمة، ويذكر أن الرشيد كان له طبيب نصراني حاذق، فقال لعلي بن الحسين: ليس في كتابكم من علم الطب شيء، والعلم علمان: علم الأديان وعلم الأبدان. فقال له علي: قد جمع الله الطب كله في نصف آية من كتابنا، فقال له: ما هي؟ قال قوله عز وجل:. . {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا} [الأعراف: ٣١] فقال النصراني ما ترك كتابكم ولا نبيكم لجالينوس طباً " (١) .

ونرجئ الحديث عن الأضرار البدنية للإسراف في الطعام والشراب إلى مبحث الآثار السلبية للسرف.

على أنه لا تفوتنا الإشارة هنا إلى أنواع الإسراف في الطعام والشراب، فدونك أهمها:

١ - إسراف من جهة الكم، بحيث يأكل الإنسان إلى حد الامتلاء، ومن ثم يتحول إلى عادة وذلك شره حيواني، يمقته العقلاء.

فعن ابن عمر قال: «تجشأ رجل عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال: " كُفَّ عنا جُشاءك فإن أكثرهم شبعا في الدنيا أطْوَلُهم جوعا يوم القيامة» (٢) .

٢ - إسراف من جهة النوع.

كالمداومة على نوع من أنواع الأغذية، وترك الأنواع الأخرى كمن يداوم على النشويات مثلاً، أو السكريات، أو اللحوم وهذا فيه أضرار صحية بالغة.

٣ - إسراف في التكثير من ألوان الأغذية في كل وجبة، وصرف الأموال


(١) الجامع لأحكام القرآن ٧ / ١٩٢، على أنه يوجد ضمن النص أثر نسب إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو (المعدة بيت الأدواء والحمية رأس كل دواء وأعط كل جسد ما عودته) وكان ذلك ضمن جواب علي بن الحسين، والحق أنه من كلام الحارث بن كلدة طبيب العرب (انظر: كشف الخفا ومزيل الإلباس، الحديث رقم ٢٣٢٠) لذا حذفته من النص، وينظر أيضا: الإسراف دراسة فقهية مقارنة للدكتور عبد الله بن محمد الطريقي ص ١٥٨ الحاشية رقم (٤) .
(٢) رواه الترمذي في السنن. ك: صفة القيامة الباب ٣٧ وقال: حديث غريب. ورواه ابن ماجه في سننه. ك: الأطعمة - الباب ٥٠. قال الشيخ الألباني: سنده حسن (صحيح سنن ابن ماجه ٢ / ٢٣٧) .

<<  <   >  >>