للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والسلام والدعاء ثم ينصرف عنه وقال عبد الحق الصقلي عن أبي عمران إنما كره مالك رحمه الله تعالى أن يقال زرنا قبر النبي صلى الله عليه وسلم لأن الزيارة من شاء فعلها ومن شاء تركها وزيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم واجبة قال عبد الحق يعني من السنن الواجبة وقيل حمى مالك إضافة الزيارة إلى القبر قطعا للذريعة وقيل لأن المضيّ

إليه ليس ليصله بذلك ولا لينفعه وإنما هو رغبة في الثواب فهو من باب أن كلمة أعلى من كلمة والمختار عندنا عدم الكراهة في إطلاق ذلك وقال الحنفيه زيارته صلى الله عليه وسلم من أفضل المندوبات والمستحبات بل تقرب من درجة الواجبات وقد سرد السبكي المنقول في ذلك من كتب المذاهب الأربعة فلا نطول به وقال القاضي أبن كج من أصحابنا إذا نذران يزور قبر النبي صلى الله عليه وسلم فعندي أنه يلزمه الوفاء وجها واحدا وإذا نذر أن يزور قبر غيره ففيه وجهان والقطع به هو الحق لأنه قربة مقصودة للأدلة الخاصة فيه وقد وجب من جنس ذلك الهجرة إليه في حياته صلى الله عليه وسلم كما قيل بوجوب جنس الاعتكاف لوجوب الوقوف بعرفة ووجه الخلاف في غيره تشبيهه بزيارة القادمين ونحوه مما لم يوضع قربه مقصودة وإن كان قربة من حيث ترغيب الشرع فيه لعموم فائدته فيكون الأصح لزومه أيضا وقال العبدي من المالكية في شرح الرسالة وأما النذر للمشي إلى المسجد الحرام والمشي إلى مكة فله أصل في الشرع وهو الحج والعمرة وإلى المدينة لزيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم أفضل من الكعبة ومن البيت المقدس وليس عنده حج ولا عمرة فإذا نذر المشي إلى هذه الثلاثة لزمه الوفاء فالكعبة متفق عليها وتختلف أصحابنا في المسجدين الآخرين قال السبكي وهذا الخلاف في نذر إتيان المسجدين لا في نذر الزيارة وفي تهذيب الطالب لعبد الحق قيل للشيخ أبي محمد بن أبي زيد فيمن أستأجر بمال ليحج وشرطوا عليه الزيارة فلم يستطع تلك السنة أن يزور قال يردّ من الآخرة بقدر مسافة الزيارة وقال غيره عليه أن يرجع ثانية حتى يزور وقال عبد الحق أن استؤجر لسنة بعينها سقط ما يخص الزيارة وأن استؤجر على حجة في ذمته يرجع ويزور وقد اتفق النقلان قال السبكي وهذا فرع حسن والذي ذكره أصحابنا أن الاستئجار على الزيارة لا يصح لأنه عمل غير مضبوط ولا مقدّر بشرع والجعالة أن وقعت على نفس الوقوف لم يصح أيضا لأن ذلك مما لا يصبح فيه النيابة عن الغير وأن وقعت على الدعاء عند القبر الشريف كانت صحيحة لأن الدعاء مما تصح النيابة فيه والجهل بالدعاء لا يبطلها قاله الماوردي وبقى قسم ثالث لم يذكره وهو إبلاغ السلام ولا شك في جواز الإجازة والجعالة عليه والظاهر أنه مراد المالكية قلت في التفقيه للريمي أن في الاستئجار للزيارة ثلاثة أوجه أصحها فيما قال أبن سراقة الجواز واختاره الأصبحي صاحب المفتاح والثاني المنع وبه قطع الماورديّ والثالث وبه قال الإمام الحليمي واختاره الأصبحي صاحب المعين انه يبنى على ما إذا حلف لا يكلم فلانا فكاتبه أو راسله والصحيح عدم الحنث فلا يصح الاستئجار وأن قلنا يحنث صح " قلت " البناء ضعيف إذ الملحظ في الإيمان العرف وأما الزيارة وإبلاغ السلام فقربة مقصودة كما أن المكاتبة يحصل بها التودد والصلة وأن لم يسم كلاما والحق صحة الاستئجار للسلام عليه صلى الله عليه وسلم وللدعاء عنده. ذلك ولا لينفعه وإنما هو رغبة في الثواب فهو من باب أن كلمة أعلى من كلمة والمختار عندنا عدم الكراهة في إطلاق ذلك

<<  <  ج: ص:  >  >>