للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال العز بن جماعة ثلاث أذرع بذراع العمل وهي تزيد على ما قاله المطري يسير إلا أن يريد الذراع المستعمل بالمدينة فيوافقه ثم أتضح لنا من ظهور الحوض المتقدّم وصفه الذي به الفرضتان لقوائم المنبر النبوي صواب ما قاله المطري وغيره وأن هذا المنبر مقدّم الوضع في القبلة بما يقرب من ذراع وكذا ظهر زيادته من جهة الشام أيضا على دكة الحوض المذكور نحو ذراع أيضا لأنه جيء به مصنوعا وكان كبيرا فقدموه لجهة القبلة خشية من تضييق الرواق أمام المنبر فظهر أنه محرّف عن وضع تلك الدكة التي بأسفله من طرفه الشامي نحو المغرب قدر شبر لما سبق في التنبيه بالفصل قبله من تيامن الدكة المذكورة وكان طوله في السماء دون قبته وقوائمها ستة أذرع وثلث وامتداده في الأرض ثمانية أذرع ونصف راجحة وعدد درجه تسع بالمقعد وارتفاع المقعد ذراع ونصف ولما احترق بنى أهل المدينة في موضعه منبرا من آجرّ طلى بالنورة وجعلوه على حدوده ظنا منهم صواب وضعه وأستمر يخطب عليه إلى أثناء رجب سنة ثمان وثمانين فهدم وحفر لتأسيس هذا المنبر الرخام للأشرف قايتباي ونقضت الدكة المتقدّم وصفها من جانبها الشامي وحفروا منها نحو القامة في الأرض ولم يبلغوا نهايتها فعلموا أحكامها وأعادوها وسوّوا ما كان مجوفا منها وحرصت في وضعه على أن تتبع به محل المنبر الأصلي من ناحية القبلة والروضة لأنه الذي حرص عليه الأقدمون في اتباع وضعه صلى الله عليه وسلم وإنما زيد فيه من جهة الشام والمغرب فلم يوافق على ذلك متولي العمارة لغلبة الحظوظ النفسية وزعم أن المعوّل عليه ما وجده من آثار المنبر المحترق في زماننا لا ما ذكره الأقدمون من المؤرخين وما شهد به الحال من ظهور حوض الدكة المتقدّمة وآثار القوائم بها فوضعه مقدّما للقبلة

<<  <  ج: ص:  >  >>