وحقوقهم الدينية والمادية، وإذا أردت معرفة فساد ما خالفها فانظر إلى آثارها كيف انحلت منهم الأخلاق الجميلة وتبدلوا بها الأخلاق الرذيلة، وذهبت معها الرحمة والشفقة والنصح، وكيف كانت تسير بهم إلى الهلاك وهم يشعرون أو لا يشعرون.
ساروا مستصحبين الحرية المطلقة من جميع القيود، وهي عبارة عن حرية الشهوات البهيمية والسبعية، فلم يوقفهم عنها دين ولا أخلاق ولا مصلحة عمومية بل ولا فردية، فوقعوا في الفوضى وتصادمت الإرادات ومرجت العقول، فارتكسوا في غيهم يعمهون، وفي ضلالهم يترددون، فإن الله بحكمته ورحمته خلق الإنسان ووضع فيه الشهوة التي تدعوه إلى جميع ما تشتهيه النفس، وعند الاسترسال مع هذه القوة لا يقف عند حد الاعتدال الواجب، بل توقعه في فساد عريض، ولكن من رحمته وضع فيه العقل الذي يميز به بين الأمور النافعة التي ينبغي إيثارها والأمور الضارة التي عليه اجتنابها، فوقف العقل الصحيح معدلا للشهوة ومانعا