للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وكُل تصديق متضمِّنٌ مِن مُطْلَق التصوُّر [ثلاثة تَصَوُّرات] (١): تَصَوُّر المحكوم عليه والمحكوم به مِن حيث هُمَا، ثُمَّ تَصَوُّر نِسْبة أحدهما للآخَر، فالحُكْمُ يَكونُ تَصَوُّرًا رابعًا عَلَى ما قاله المحقِّقون؛ لأنه تَصَوُّرُ تلك النسبة مُوجبَة أو تَصَوُّرُها مَنْفِيَّة، وهذا التصور أيضًا مِن مُطْلَق التصور، لا تَصَوُّرٌ مُطْلَق؛ لأنه قسيمُه. وبهذا التقرير لا يخرج التصديق عن مَقُولة الانفعال التي منها العِلْم على قول الأكثرين، أو مِن مقولة الكَيْف وبه قال كثير، وليس المراد مِن [الحُكْم بالنفي أو الإثبات] (٢) إلَّا هذا، لا التأثير في إيجاده أو في عَدَمه؛ لأنَّ ذلك مِن مقولة الفعل وهو خارج عن مقولة العِلْم، فَيَعُود معنى الحُكْم إلى اعتقاد [الشيء] (٣) مُثْبَتًا أو اعتقاده منفِيًّا. وفي الموضع مباحثُ أخرى ليس في التطويل بها كبيرُ فائدة.

نَعَم، ذهب الأقدمون - كابن سينا وغيْره - إلى أنَّ التصديق نفسُ الحُكْم كيف [فرضته] (٤)، وتلك التصوراتُ الثلاثة السابقةُ عَلَيه شَرْطٌ له.

وذهب الإمامُ الرازي وجَمْعٌ مِن المحققين إلى أنَّ المجموع هو التصديق، فالتصورات السابقة عَلَى الحكم شطْرٌ مِن التصديق، لا [شَرْطٌ] (٥)، وإنما سُمِّي التصورُ تصَوُّرًا لِأَخْذِه مِن الصُّورة؛ لأنه حصول صورة الشيء في الذهن، والتصديق تصديقًا؛ [لأنَّ فيه] (٦) حُكْمًا يُصَدَّق فيه أو يُكَذَّب؛ فَسُمِّي بِأَشْرَف لَازِمَي الحُكْم في النسبة.


(١) كذا في (ز، ق، ص، ت). وفي (ش): ثلاث تصويرات. وفي (ض): ثلاث تصورات.
(٢) كذا في (ز، ق، ص، ت). وفي (ش): النفي والاثبات. وفي (ض): الحكم بالنفي الاثبات.
(٣) ليس في (ش).
(٤) في (ش): فرض.
(٥) في (ز): شرط فيه.
(٦) في (ش): لأنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>