للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

١ - فصل

وخرج الترمذي وحسنه، عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يمنعن رجلًا هيبة الناس أن يقول بحق إذا علمه».

وخرج البيهقي في الشعب بإسناد حسن عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا ينبغي لامراء شهد به مقامًا فيه حق إلا تكلم به، فإنه لن يقدم أجله ولم يحرمه رزقًا هو له».

قلت: وهذا الحديث فيه الحض على الإقدام والشجاعة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأن يعلم الإنسان يقينًا أن الأمر والنهي لن يقدما أجلًا أخره الله، ولن يمنعا رزقًا قدره الله، فلا يلتفت إلى ما يلقيه الشيطان من تخذيله، وقوله لا تتعرض لهذا يضربوك ويقتلوك، ونحو ذلك، فإن الضرر وإن قلَّ، والنفع وإن جلَّ مقدران، إذ لا يزيدان فتيلًا/ ولا ينقصان نقيرًا.

وقد تقدم حديث «أفضل الشهداء حمزة بن عبد المطلب، ورجل قام إلى إمام جائر فأمره ونهاه فقتله «وفيه الترغيب في الإقدام على القتل والعرض له، وهو أمر مندوب إليه، كما تقدم، لكنه إذا خاف شيئًا من ذلك وغلب على ظنه وقوعه سقط عنه الوجوب وبقى الاستحباب، وهي رتبة لا يلقاها إلا ذو حظ عظيم، ولا ينالها إلا من جاد بنفسه لله الكريم».

وقد اختار جماعة من السلف العزلة والانفراد خوفًا من عجزهم عن تغيير ما يشاهدونه من المنكرات في الخلطة.

<<  <   >  >>