للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

عاصر المروي عنه أو لقيه ولم يسمع منه أو سمع منه ولم يسمع منه ذلك الحديث الذي دلسه عنه " (١).

وعلق الحافظ العراقي على تعريف ابن الصلاح بقوله:"إن الذي ذكره المصنف في حد التدليس هو المشهور عن أهل الحديث" (٢).

وزاد ابن جماعة في تعريفه:"ثم قد يكون بينهما واحد وقد يكون أكثر" (٣).

وسار عامة أهل المصطلح على هذا التعريف فجعلوا ما يرويه الراوي عمن "سمع منه" أو "عاصره" ما لم يسمعه منه موهماًَ أنه سمعه منه، بمرتبة واحدة وعدوه تدليساً. وذهب ابن القطان، وابن عبد البر، والعلائي، وابن حجر، والسخاوي، والسيوطي، وغيرهم إلى التفريق بينهما -كما سيأتي-واعترض الحافظ ابن حجر عليه (التعريف) بكونه (غير مانع)،إذ قال في معرض الاعتراض على تعريف ابن الصلاح للتدليس: ((وقوله:"عمن عاصره" ليس من التدليس في شيء، وانما هو: المرسل الخفي .... وقد ذكر ابن القطان في أواخر "البيان" (٤) له تعريف التدليس بعبارة غير معترضة قال:"ونعني به أن يروي المحدث عمن قد سمع منه ما لم يسمعه منه من غير أن يذكر أنه سمعه منه، والفرق بينه وبين الإرسال، هو أن الإرسال: روايته عمن لم يسمع منه ولما كان في حديثه ما سمع منه جاءت روايته عنه بما لم يسمعه منه كأنها إيهام لسماعه ذلك الشيء فلذلك سمي

تدليساً "،وهو صريح في التفرقة بين التدليس والإرسال، وأن التدليس مختص بالرواية عمن له عنه سماع بخلاف الإرسال -والله أعلم - وابن القطان في ذلك متابع لابي بكر البزار (٥)،وقد حكى شيخنا كلامهما ثم قال:"إن الذي ذكره المصنف في حد التدليس هو المشهور عن أهل الحديث وإنه إنما حكى البزار وابن القطان لئلا يغتر به" (٦). قلت - والقائل ابن حجر-لا غرو هنا بل كلامهما هو الصواب، على ما يظهر لي في التفرقة بين التدليس والمرسل الخفي، وإن كانا مشتركين في الحكم هذا ما يقتضيه النظر وأما كون المشهور عن أهل الحديث خلاف ما قالاه ففيه


(١) شرح الفية الحديث، العراقي ص٨٠.
(٢) التقييد والإيضاح ص ٩٧ -
(٣) المنهل الروي ص ٧٢.
(٤) هو ابن القطان الفاسي في كتابه "بيان الوهم والإيهام"،وينظر شرح الألفية للعراقي ص٨٠،وفتح المغيث للسخاوي١/ ١٧٠.
(٥) ينظر شرح الألفية للعراقي ص٨٠،وفتح المغيث للسخاوي١/ ١٧٠.
(٦) شرح الألفية للعراقي ص ٨٠.

<<  <   >  >>