للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

مطلقٌ (١)،على أنّ المتقدمين يطلقون التدليس أو الإرسال، وغيرهما من المصطلحات باعتبارات لغوية حسب، والله أعلم.

[المطلب الثاني: أنواع تدليس الإسناد]

النوع الأول: تدليس التسوية: وهو أن يروي مدلس حديثاًً عن شيخ ثقة، وذلك الثقة يرويه عن ضعيف عن ثقة فيسند المدلس الذي سمع من الثقة ويذكر شيخه الثقة الأول، ويسقط الضعيف الذي في السند بين ثقتين ويجعل الحديث عن شيخه الثقة عن الثقة الثاني بلفظ محتمل فيستوي الإسناد كله ثقات (٢).

قال الحافظ العلائي:"وهو مذموم جداً من وجوه كثيرة منها أنه غش وتغطية لحال الحديث الضعيف وتلبيس على من أراد الاحتجاج به. ومنها أنه يروي عن شيخه ما لم يتحمله عنه لأنه لم يسمع منه الحديث إلا بتوسط الضعيف ولم يروه شيخه بدونه.

ومنها أنه يصرف على شيخه بتدليس لم يأذن له فيه، وربما ألحق بشيخه وصمة التدليس إذا تتحقق عليه أنه رواه عن الواسطة الضعيف ثم يوجد ساقط في هذه الرواية فيظن أن شيخه الذي أسقطه ودلس الحديث وليس كذلك" (٣).

وقد لا يفعل ذلك لنفسه بل يفعله لشيخه أو بعض من فوقه؛ أي إنه لا يحذف شيخه بل يحذف بعض من فوقه، فكأن هذا الذي فُعل له ذلك هو الذي دلس وهو في الحقيقة غير مدلس (٤). ونقل السيوطي عن الحافظ ابن حجر القول: إن:" ابن القطان إنما سماه تسوية بدون لفظ التدليس، فيقول: سواه فلان، وهذه تسوية، والقدماء يسمونه تجويداً، فيقولون: جوده فلان، أي ذكر من فيه من الأجواد ... قال: والتحقيق أن يقال متى قيل تدليس التسوية: فلا بد أن يكون كل من الثقات الذين حذفت بينهم الوسائط في ذلك الإسناد قد اجتمع الشخص منهم بشيخ شيخه في ذلك الحديث، وإن قيل تسوية بدون لفظ التدليس لم يحتج إلى اجتماع أحد منهم بمن فوقه، كما فعل مالك فإنه لم يقع في التدليس أصلاً، ووقع في هذا فإنه يروي عن ثور عن ابن عباس وثور لم يلقه وإنما روى عن عكرمة عنه فأسقط عكرمة لأنه غير حجة عنده، وعلى هذا يفارق المنقطع بأن


(١) ينظر فتح المغيث ١/ ٢٢٤.
(٢) ينظر جامع التحصيل ص٩٧، الكفاية، الخطيب ص ٣٧٥.،وفتح المغيث، السخاوي ١/ ١٨٢،وتدريب الراوي١/ ٢٥٥،وظفر الأماني ص ٣٧٧.
(٣) جامع التحصيل ص٩٧.
(٤) تدريب الراوي١/ ٢٢٦،وينظر فتح المغيث، السخاوي ١/ ١٨٣.

<<  <   >  >>