للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[المقدمة]

في مجريات حياتك اليومية ربما تلاقي يتيماً ليس له أب أو أم، أو مشرداً ليس له بيت أو وطن، أو عاطلاً ليست لديه وظيفة أو مهنة، ولكن هل سبق وأن لاقيت قط إنساناً بغير صديق؟!

هذه المدنيّة التي وهبها الله للإنسان حتّمت عليه أن ينتخب من بني جنسه (١) أصدقاءَ يجدُ فيهم لذّته وأنسه، وهذه المدنيّة ذاتها جعلته نهبا لما يخلّ بحقوق أولئك الأصدقاء، وأيّ قارئ كريم يمتلك حصانة تحرسه دون الإخلال - أو على الأقل تهمة الإخلال - بحقوق الصديق؟!

لقد أضجرني في إحدى الأماسيّ من بعض الأصدقاء أنّ ريبة امتزجت في إناء قلبه بتخيلاتهِ لأجل


(١) أقول: "من بني جنسه" لا كما يفعل بعض الناس في كثير من الدول الأجنبية، يتخذون من الكلاب أوفى أصدقائهم، فهذا ليس من الفطرة السليمة في شيءٍ وإن قلنا بوفاء الكلاب ودعابة القطط. أمّا لو قيل بأن العرب كانت تفعله وجيء لنا ببيت الأُحيمر:
عوى الذئب فاستأنست بالذئب إذ عوى ... وصوّت إنسان فكدت أطير
أو ببعض لاميّة العرب للشنفرى، فالحق أنْ لا برهان في ذلك ولا حجّة وما تلك الأشعار إلا كنايات عن الشجاعة أو العزلة والبُعد السحيق ونحو ذلك.

<<  <   >  >>