للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وجهك مسهباً ومكرراً؛ فذلك شيء يفعله كثير من الناس مع من يحملون له أشدَّ العداوة والبغضاء، وأصبح كثير منهم يعدونه من الكياسة، ويخادعون به من إذا أسمعوه مدحاً فكأنما سقوه خمراً.

وربما استثقلوا من لم يسلك هذه الشعبة من النفاق، ونسبوه إلى جفاء الطبع، وقلة التدرب على الآداب الجارية في هذا العصر.

وقد ذكر الأدباء للصداقة الخالصة علامات منها أن يدفع عنك وأنت غائب عنه.

قال العتابي:

وليس أخي مَنْ ودَّني رأي عينِه ... ولكن أخي من صدَّقْتهُ المغائب

ومنها أن تكون مودته في حال استغنائك عنه واحتياجك إليه سواء.

قال الأحنف بن قيس: "خير الإخوان من إن استغنيت عنه لم يزدك في المودة، وإن احتجت إليه لم ينقصك منها".

ومنها أن ينهض لكشف الكربة عنك ما استطاع كشفها، لا يحمله على ذلك إلا الوفاء بعهد الصداقة، قال بعضهم في صديق له:

وكنت إذا الشدائد أرهقتني ... يقوم لها وأقعد أو أقوم

والألمعي يَعْرف الصداقة من نظرات العيون، ويحسها من في أساليب الخطاب، ويلمحها من وراء

<<  <   >  >>