الحمد لله الهادي إلى سواء السراط، جاعل دينه عدلًا وسطًا بعيدًا عن التفريط والإفراط، منزل الكتاب تبيانًا لكل شيء من أمر الدين، باعث الرسل هداة مهديين، مبشرين ومنذرين.
وأشهد ألَّا إله إلَّا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله، أرسله رحمة للعالمين، وهاديًا إلى السبيل المبين؛ ليبيِّن للناس ما نُزِّل إليهم، ويفسِّر لهم ما أشكل عليهم، وجعل محبَّته اتِّباعه، وطاعته له طاعة. قال تعالى:{قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ}[آل عمران: ٣١]، وقال سبحانه:{مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ}[النساء: ٨٠].
وأكمل له الدِّين، وأتمَّ النعمة على المؤمنين، ورضي لهم الإسلام دينًا، إلى أن يرث الأرض ومَن عليها، وهو خير الوارثين، فلا دين إلَّا ما ثبت عنه، ولا نور إلا ما اقتُبِس منه، صلَّى الله وسلَّم وبارك عليه، وعلى آله الطاهرين، وأصحابه الهداة المهديين، الذين أكمل لهم اليقين، وأقام بهم الدين، وحفظ بهم الكتاب والسنة، وأتمّ بهم على الخلق المِنَّة، فبلَّغوا الدين بأمانته، وبالغوا في حفظه وصيانته.
تكفَّل الله عزّ وجل بتوفيقهم لسبيله، وتثبيتهم على اتِّباع رسوله، وأَعْلَمَ رسولَه بما يكون منهم بعده، وكيف يتحرَّون اتِّباعه، ويحفظون عَهْدَه، فيجعل سنَّتهم من سنَّته، وإجماعهم من شريعته، فلم يزل الناس على ذلك حتى اشتهر الحق على التحقيق، وأمن السِّراط المستقيم أن يشتبه على طالبه