فإمِّا أن يكون النقل من الشارع، وإمَّا أن يكونا في كلام الشارع باقيين على المعنى اللُّغوي، ولكن قام الدليل على تخصيصهما، ثم شاع استعمالهما في المعنى الخاص.
ومن تأمَّل النصوص الواردة في ذمِّ البدع، والآثار التي فيها الحكم على بعض الأمور بأنَّها بدع تبيَّن له أنَّ الأمر لا يكون بدعة حتى يزعم صاحبه أنَّه من الدِّين، فلا يُقال لمسلم تَرَك الصلاة أو صوم رمضان لغير عذر معترفًا بفرضيَّتهما: مبتدع، وإن كان ذلك ممَّا أُحْدِث، وليس له أصل في الشرع؛ إذ لم يُنْقَل أنَّ ذلك وقع من أحد من المسلمين في عهد النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -.
ويمكن أن يُجاب بأنَّه إنَّما لم يصرِّح بإخراج المعاصي المُحْدَثة؛ لشهرة إخراجها، ولأنَّ المهم إنَّما هو تمييز البدعة المذمومة عما لا يُذَمُّ، والمعاصي مذمومة.
الاعتراض الثاني: أنَّه يتناول المباحات المُحْدَثة التي لم يدَّعِ أصحابها لها حكمًا غير الإباحة، كلبس الثياب التي لم تكن معروفة بين الصحابة في العهد النبوي، ويُجاب عن هذا بأنَّه خارجٌ بقوله:"ليس له أصل في الشرع"، وهذا ممَّا له أصل في الشرع، وهو أدلة الإباحة، كقوله تعالى:{خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا}[البقرة: ٢٩].
الاعتراض الثالث: أن يُقال: قوله: "ليس له أصل في الشرع" لا يخلو أن