للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(الحال) حقيقته عند النحاة (للهيئات) هيئات جمع هيئة وهي الصورة لأن الشيء له حقيقة وهي الذات وله صفة تتعلق بالذات فزيد له حقيقة وهي ذاته وله صفة يعنى أوصاف تتعلق به والذات قد تكون مبهمة والصفات قد تكون مبهمة حينئذ وظيفة الحال أنها تأتي وتكشف وتبين وتفسر هيئة الذات وأما الذات زيد يكون معلوما بخلاف التمييز وهذا الفرق الجوهري بين النوعين التمييز يأتي يكشف الحقيقة وأما الحال فإنما تتعلق بصفات الحقيقة لا بذات الحقيقة ولذلك قال (الحال للهيئات) قلنا جمع هيئة وهي صورة محسوسة وقد تكون معنوية غير محسوسة "جاء زيد راكبا" جاء زيد فعل وفاعل زيد هذا معلوم عند المخاطب لأنه ذات علم يدل على مشخصه أثبتت له المجيء هذا المجيء يتنوع قد يكون زحفا قد يكون بطائرة وقد يكون راكبا وقد يكون ماشيا وله أنواع حينئذ وقع انبهام في كيفية مجيء زيد على أي وجه جاء؟ حينئذ جاء زيد إذا قلت راكبا حينئذ انكشف حال زيد لا في ذاته وإنما في كيفية مجيئه ولذلك ضابط الحال أنه يصح أن تقع جواب كيف ثم يراع عند باعتبار من عقا جواب كيف في سؤال من سأل كيف جاء زيد؟ جاء زيد كيف؟ تقل راكبا إذن راكبا هذا حال ما وظيفته كشف لنا حال زيد من حيث الهيئة وهذا شيء محسوس "تكلم زيد صادقا" زيد الكلام قد يقع على وجه الصدق وقد يقع على وجه مخالف والأغراض تختلف والمشارب تختلف تكلم زيد لأي سبب كيف؟ صادقا إذن صادقا هذا حال كشف هيئة زيد من حيث الكلام لأن الكلام له وجوه من حيث الوقوع إذا قال صادقا تقول هذه حال كشفت هيئة زيد من حيث مايتعلق به محسوسا أو غير محسوس لأن النوايا الصدق محله القلب لا يرى إنما تلتمس الأثار فحسب إذن للهيئات.

(أَيْ لِمَا انْبَهَمْ) (أي) هذا حرف تفسيري يعنى للهيئات ما المراد الهيئات؟ الهيئات منها واضحة ومنها مبهمة إذن لم تأتي الحال مؤكدة في الأصل حينئذ أي تفسيرية (لِمَا انْبَهَمْ) يعنى للذي خفي واستتر منها أي من الهيئات إذن جاء زيد لا تدري كيف جاء زيد راكبا طائرا ماشيا حبوا إذن (لِمَا انْبَهَمْ) أي لما للذي انبهم أي خفي واستتر منها أي من الهيئات هذا تفسير لقوله الحال للهيئات مفسر الحال مفسر للهيئات هذا أحسن بالرفع يجوز النصب لكن الرفع أحسن مفسر أي مبين للهيئات جار ومجرور متعلق بقوله مفسر إذن حقيقة الحال الاسم المنصوب المفسر لِمَا انْبَهَمْ من الهيئات هكذا عرفه في الأصل.

وعرفه بعضهم بقوله: الحال وصف فضلة يقع في جواب كيف وهذا تعريف ابن هشام وهو جيد وهو وصف فضلة يقع في جواب كيف, وصف عرفنا الوصف بالأمس يعنى مشتقا وهو ما دل على حدث وصاحبه ولذلك الحال في الأصل لا تقع إلا مشتقة بمعنى أنها دالة على حدث وصاحبه ولذلك في الأمثلة السابقة جاء زيد راكبا هذا اسم فاعل تكلم زيد صادقا جاء زيد ضاحكا باع عمر حصانا مسرجا اسم مفعول إذن الأصل في الحال أنها وصف يعنى مشتقة فإذا جاء الحال غير مشتق أول بالمشتق كما هو الشأن في الجامد المؤول بالمشتق في باب النعت، إذن وصف أي مشتق هو مادل على ذات وصفة وهذا يشمل اسم الفاعل واسم المفعول الصفة المشبهة أفعال التفضيل أمثله المبالغة.

فضلة لأن الوصف قد يأتي عمدة "زيد ضاحك" ما إعراب ضاحك هنا خبر عمدة أو فضلة؟ عمدة إذن قد يأتي الوصف عمدة إذن الوصف الفضلة يقع في جواب كيف لأن كيف يسأل بها عن الحال ثم يرى عند اعتبار من عقا جواب كيف في سؤال من سأل.

ثم قال المصنف (وَنَصْبُهُ انْحَتَمْ) , نصبه ضمير يعود إلى الحال ولو قالوا ونصبها يجوز؟ يجوز نعم لأن الحال لفظ الحال نفسه من حيث المعنى يذكر أو يؤنث وقالوا حسنت حال زيد وحسن حال زيد يجوز الوجهان حال لفظ حال يذكر ويؤنث حسن حال زيد ذكرت حسنت أو تحسنت حال زيد يجوز الوجهان ونصبه ونصبها يجوز الوجهان ونصبه أي الحال بالفعل أو شبه الفعل انحتم يعنى واجب والحتم بمعنى الواجب كما هو الشأن عند الأصوليين وهو كذلك في لسان العرب وهذا أمر لازم لأنه لا يكون إلا منصوبا لأنه فضلة والنصب إعراب الفضلات.

<<  <  ج: ص:  >  >>