للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

٢١ يعني إنسانٌ مخلوقٌ، (عَبْدٌ أَسِيْرُ) وصفه بكونه أسيرًا، وأسير فَعِيل بمعنى مَفْعُول مأخوذٌ من الأسر وهو الشدُّ أراد به لازم معناه (أَسِيْرُ رَحْمَةِ الكَرِيمِ) أراد به ملازم (رَحْمَةِ الكَرِيمِ) والأسير ملازمٌ لمكانه، أليس كذلك؟ الأَسْرُ هو الشدّ حينئذٍ إذا شدُّ على يديه ورجليه لزم مكانه حينئذٍ أراد به هنا الملازمة، (أَسِيْرُ رَحْمَةِ الكَرِيمِ) أي ملازمٌ لرحمة الكريم جل وعلا، (رَحْمَةِ) هذه صفةٌ قائمة بذاته جل وعلا وهي صفةٌ حقيقية تقتضي التفضل والإنعام تقتضي ماذا؟ التفضل والإنعام، وتفسيرها بالإنعام هذا تحريف يعني الجعل بأن معناه هو الإنعام هذا من قبيل التحريف وليس من قبيل تفسير الشيء بدلالته، إذًا (أَسِيْرُ رَحْمَةِ الكَرِيمِ) رحمة صفة ذاتية متعلقةٌ بذاته جل وعلا لازمها الإنعام ولا تفسر بالإنعام (رَحْمَةِ الكَرِيمِ)، (أَسِيْرُ) مضاف، و (رَحْمَةِ) مضافٌ إليه، ورحمة مضاف والكريم مضافٌ إليه، وهو اسمٌ من أسمائه جل وعلا قال الزجاجي: الكريم الْجَوَاد. قال غيره: الكريم كثير الخير أو الكثير الخير. (أَيْ) حرف تفسير من هو هذا العبد (أَسِيْرُ رَحْمَةِ الكَرِيمِ) أبهمه ثم فسره بقوله: (أَيْ)، (أَيْ) هذا حرف تفسير يعني: ما بعده يكون مفسرًا لما قبله، وسبق معنا أن التفسير إن كان لمفردٍ فيؤتى بأي، وإن كان لجملةٍ أو تركيبٍ أو معنًى عام فيؤتي بيعني، وفرقٌ بين العناية أعني ويعني وبين أي، (أَيْ) إذا كان المفسر مفردًا، وإذا كان جملة حينئذ تقول: يعني أو أعني ونحو ذلك، (أَيْ) حرف تفسير، (أَحْمَدُ) هذا اسمه وهو عطف بيان لما قبله وهذا على مذهب البصريين، وعلى مذهب الكوفيين أَيْ حرف عطف يعني: مثل الواو وثم والفاء، ثم بعده معطوفٌ على ما قبله، (أَحْمَدُ بْنُ عَابِدِ) ابن عبد زاد الألف للوزن ابن عبد الرحيم هذا الأصل وزاد الألف هنا من أجل الوزن، (بْنُ) برفع وهو مضاف وعبد مضاف إليه والألف قلنا: زائدة، و (عَابِدِ) مضاف و (الرَّحِيْم) مضافٌ إليه، وهو كذلك اسمٌ من أسمائه جل وعلا متضمنٌ لصفة الرحمة، وهي صفةٌ قائمةٌ بذاته تقتضي التفضل والإنعام، هذين البيتين أردا المصنف رحمه الله تعالى أن يفتح النظم بالحمدلة والصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم سمى نفسه، وهذا لا مانع منه عند أرباب التصنيف أن يُسَمِّيَ المصنف نفسه من أجل أن يكون الكتاب معروفًا لا مجهولاً، وهذا ليس فيه تزكيةً للنفس بل يكون فيه إرشادًا من أجل أن تتعلق النفوس بالكتاب؛ لأن العلم إذا نُسِبَ إلى صاحبه وكان له جلالة في العلم فحينئذٍ تشوقت النفوس إلى معرفة ما كتبه.

ثم بعد المقدمة بدأ الناظم رحمه الله تعالى بما يتعلق بأحكام الفعل.

فِعْلٌ ثُلاَثِيٌّ إِذَا يُجَرَّدُ ... أَبْوَابُهُ سِتٌّ كَمَا سَتُسْرَدُ

<<  <  ج: ص:  >  >>