للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أولاً: لأن الزمن محدود الإنسان كم سيعيش؟ فترة قصيرة وخاصة في طلب العلم وإذا كان كذلك فحينئذٍ ينبغي أن يختصر الطريق لا من حيث التلقي وإنما من حيث الاعتماد على الكتاب واختياره، ثم النظر يكون في فائدة هذا الفن حينئذٍ علوم الآلة كاسمها علوم لغيرها تخدم الكتاب والسنة، لفهم الكتاب والسنة، وإذا كان كذلك فحينئذٍ ينبغي أن يكون طالب العلم يُرَاعِي المتون التي تَشْتَمَل على أمرين أن تكون سهلة واضحة بينة باعتبار غيرها، وقد يكون في نفسها شيء من الصعوبة، ثم يعلم أن هذا المتن أو هذا العلم ليس مقصودًا لذاته، فحينئذٍ يكون الاعتماد على ما اشتهر عند أهل العلم، والمخالفة في اختيار كتاب ما لا تخرج طالب العلم عن سلوك الجادة في التلقي والتحصيل.

إذًا نظم ((المقصود)) طالب العلم الذي يريد أن يستعين بهذا العلم على فهم الشريعة أولى بالاشتغال من ((اللامية)) لابن مالك رحمه الله تعالى لما ذكرناه من الصعوبة التي فيها.

المقدمة الثانية: ما يتعلق بمبادئ العلم، علم الصرف هذا علم قليل التدريس في هذا الزمان كغيره من علوم الآلة لأن فيه شيئًا من الغربة نحتاج إلى فهم المبادئ العشرة التي يذكرها أهل العلم.

أولاً: حد فن الصرف، يقال له التصريف وهو في اللغة التغيير والتحويل، الصرف والتصريف في لسان العرب التغيير والتحويل ومنه: {وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ}. أي: تغييرها. وفي صيغة التكثير تصريف تفعيل إشارة إلى أن في هذا الفن تصرفات كثيرة تصريف صرف وتصريف لم سُمِّيَ بالتصريف؟

لأن فيه تغييرات كثيرة وهو كذلك كما سيأتي.

وأما في الاصطلاح فإن الصرف له اطلاقات يعني: يُستعمل بمعنى ويستعمل بمعنى آخر وكلاهما مقصودان عند أهل العلم، لا بد أن يعرف طالب العلم إذا أُطلق الصرف فماذا يراد به في هذا المعنى وماذا يراد به في هذا المعنى الآخر؟

يطلق بالمعنى العملي ويطلق بالمعنى العلمي، عملي ممارس تطبيق، وبمعنى علمي يعني: تأصيل وتقعيد.

الأول تعريفه بالمعنى العملي أن يقال فيه وهو ما اشتهر تعريف الزنجاني وغيره: (تحويل الأصل الواحد إلى أمثلة مختلفة لمعانٍ مقصودة لا تحصل إلا بها). تحويل إذًا هذا المعنى أي معنى هذا؟ المعنى اللغوي لا بد أن يكون المعنى اللغوي موجودًا ومأخوذًا في حد المعنى الاصطلاحي، إذًا علم الصرف باعتبار كونه عمليًّا تحويل إذًا لا بد أن يُؤخذ الحد اللغوي أو المعنى اللغوي جنسًا في المعنى الاصطلاحي، لو قيل: تغيير. لا بأس، تحويل لا بأس، تغيير وتحويل كذلك لا بأس، تحويل الأصل الواحد إلى أمثلة مختلفة لمعالم مقصودة لا تحصل إلا بها.

المراد بالأصل الواحد والاشتقاق هو المصدر، (تحويل الأصل الواحد) يعني: تحويل المصدر. لأن المصدر هو الأصل في الاشتقاق.

والْمَصْدَرُ الأَصْلُ وأيّ أَصْلِ ... وَمِنْهُ يَا صَاحِ اشْتِقاقُ الْفِعْلِ (١)


(١) ملحة الأعراب البيت ١٣٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>