للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يعني: اختير كون المصدر أصلاً لفعل وللوصف. (وَمَا يُشْتَقُّ مِنْهُ)، أي: وأبنية ما يشتق منه، يعني: من المصدر، (وَمَا) هنا واقعةٌ على الألفاظ المأخوذة من المصدر، من الماضي، والمضارع، والأمر، والنهي، واسم الفاعل، واسم المفعول، واسم الزمان والمكان، والآلة. الذي يشتق منه، أي: من المصدر، (يُشْتَقُّ) هذا مغير الصيغة، وضمير نائب الفاعل يعود إلى (مَا)، وَذَكَّرَهُ باعتبارِ اللفظ، لأن: الضمير إذا عاد إلى (مَا) وكانت واقعةً على مؤنث من حيث المعنى لأن هذه أبنية: ماضي ومضارع هذه أبنية، إذًا (مَا) هنا صدقت على الأبنية، والأبنية مؤنث. قال: (يُشْتَقُّ مِنْهُ)، ولم يقل: يشتق منها، حينئذٍ نقول: يجوز فيه الوجهان، لأن (مَا) إذا كانت واقعةً على مؤنث فحينئذٍ تنازعها أمران من حيث اللفظ هي: مذكر، ومن حيث المعنى هي مؤنث. يجوز لك الوجهان إمَّا أن تعيد الضمير إلى المذكر بالمذكر بناءً على اللفظ، أو بالمعنى. (وَمَا يُشْتَقُّ مِنْهُ)، يعني: من المصدر، أي: من المصدر، وفي المقصود الأصل الذي نظمه الناظم هنا قال: فصلٌ في الوجوه التي اشتدت الحاجة إلى إخراجها من المصدر، هذا يوضح المراد بالاشتقاق لأنه نظم المقصود، ماذا يريد الناظم هنا بالاشتقاق؟ المراد به: الأخذ، لأن صاحب الأصل قال: في الوجوه التي اشتدت الحاجة إلى إخراجها من المصدر، وهي الماضي، والمضارع، والأمر، واسم الفاعل، واسم المفعول، هي الوجوه، جمع وجهٍ، وأراد به الأبنية، أي: الكلمات المأخوذة من المصدر، وفيه: تنبيهٌ على أصالة المصدر في الاشتقاق. قال: (وَمَا يُشْتَقُّ مِنْهُ)، يعني: من المصدر، وسائر المشتقات التي يذكرها الصرفيون إنما هي مأخوذةٌ من: المصدر، إمَّا بالذات، وإمَّا بالواسطة. كيف بالذات؟ يعني: مباشرةً. كيف بالواسطة؟ يعني: بينهما واسطة، فحينئذٍ تقول: فعل الماضي مأخوذ من المصدر مباشرةً، ضَرْبٌ ضَرَبَ، وإذا أردت: يَضْرِبُ حينئذٍ ماذا تصنع؟ نقول: تزيد أحد حروف ((أنيت)) على الفعل الماضي، إذًا النظر هنا: فعل مضارع مأخوذ من الفعل الماضي فكيف نقول: مشتقٌ من المصدر؟ قالوا: هنا: مشتق من المصدر بواسطة الماضي، يعني: المضارع مشتق من المصدر، كيف؟ نحن لا ننظر إلى المصدر: ضرْب، إنما: ننظر إلى الماضي، فحينئذٍ كيف نقول: بأنه مشتقٌ من المصدر، والنظر يكون للماضي؟ نقول: هنا حصل الاشتقاق بواسطةٍ، فاشْتُقَّ المضارع من المصدر بواسطة الماضي، ولذلك نقول مثلاً اسم الفاعل، أو فعل الأمر كما سيأتي، يَضْرِبُ تحذف حرف المضارعة، اضْرِبْ .. إلى آخر ما سيأتي، وهذا مأخوذٌ من: المضارع، إذًا: الأمر مشتقٌ من المضارع هذا في ظاهره، نقول: لا، ليس الأمر مشتقًا من المضارع، إنما هو: مشتق من المصدر لكن بواسطة الفعل المضارع .. وهكذا، فكل ما عُلِّقَ الحكم فيه على غير المصدر فيكون واسطةً بينه وبين المصدر، إذًا الأصل في الاشتقاق هو: المصدر، ثم سائر المشتقات المأخوذة من المصدر إمَّا: أن تؤخذ منه مباشرةً كالماضي، وإمَّا: أن تؤخذ منه بواسطةٍ كالمضارع، الماضي واسطةٌ بينه وبين المصدر. قال الناظم رحمه الله تعالى:

وَمَصْدَرٌ أَتَى عَلَى ضَرْبَيْنِ ... مِيْمِي وَغَيْرِهِ عَلَى قِسْمَيْنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>