للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وثانيًا: أن المجهول نسبةً إلى الجهل، مبنيٌ للمجهول، فحينئذٍ يفيد بأن الغرض من حذف الفاعل هو الجهل به وليس الأمر كذلك، بل أغراه حذف الفاعل كثيرًا والجهل منها واختلف هل الجهل يُسلم به بأنه غرضٌ أم لا؟

والمشهور عند ابن مالك أنه ليس بغرض لماذا؟

لأنه يمكن أن يُؤتى باسم فاعل من مادة الفعل فيرفع على أنه فاعل {سَأَلَ سَائِلٌ} [المعارج: ١] سُرق المتاع لا يتعين هنا حذف؟ ما تعرف من السارق، مجهول، لكن يمكن أن تأتي بفاعل كيف سَرَقَ سَارِقٌ المتاع، ... {سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ} جاء في القرآن، إذًا يمكن أن يؤتى باسم فاعل فيرتفع على أنه فاعل ولا يلزم منه عن الجهر بالفاعل أن لا يمكن أن يؤتى بفاعلٍ، إنما يؤتى باسم فاعلٍ مشتقٍ من مادة الفعل الذي عَمِلَ في الفاعل، إذًا لا يُسلم بأن الجهل غرضٌ من أغراض حذف الفاعل، فإذا قيل: مبنيٌ للمجهول عينته، أليس كذلك؟ عينته بأن المحذوف هنا لأجل الجهل، وهذا ليس بصحيح.

إذًا الأولى أن يعبر بأنه مغير الصيغة. إذًا معنى البيت أن المضارع المجهول - لكن هذا الذي اشتهر نقول: معهم - مضارع المجهول يُضم أوله الذي هو حرفٌ من حروف ((نأتي))، ويفتح ما قبل آخره وجوبًا فيهما، يعني: الضم واجب والفتح واجب، وما بينهما يبقى على حاله وهيئته من الحركات والسكنات لا فرق بين المعلوم والمجهول، إذًا التغيير إنما يكون للأول وما قبل الآخر، نحو ماذا؟ يُنْصَرُ نَصَرَ يَنْصُرُ يُنْصَ يُنْصَرُ إذًا ماذا صنعت؟ النون ساكنة كما هي في المعلوم والمجهول، وإنما ضممتَ حرف المضارعة بعد أن كان مفتوحًا غيَّرتَه - لا بد من التغيير - يَنْ يُنْ يَنْصُ الصاد مضمومة في المبني للمعلوم فتحتها يَنْصَرُ، وكذلك يُدَحْرَجُ دَحْرَجَ يُدَحْرِجُ ماذا صنعت؟ يُدَحْرِجُ ضممت أوله والضمة هذه لأجل كونه رباعيًا - وإن اشتبهت في اللفظ - لكن ما الذي يميز بين المبني للمعلوم والمغير الصيغة في يُدَحْرِجُ، يُدَحْرِجُ هذا مبني للمعلوم يُدَحْرَجُ هذا مبني للمجهول، الفرق بينهما ما قبل الآخر إن كان مكسورًا فهو مبنيًا للمعلوم، وإن كان مفتوحًا فهو مبنيٌ للمجهول، وأوله مضمومٌ فيهما في المعلوم والمجهول، إذًا قد يشتبه الأول فنرجع إلى الثاني، وقد يشتبه الثاني فنرجع إلى الأول .. وهكذا، إذًا وما بينهما يبقى على حالته في المعلوم نحو: يُنْصَرُ وَيُدَحْرَجُ، وكذا في الخماسي، والسداسي مطلقًا.

إذًا (وَإِنْ بِمَجْهُوْلٍ فَضَمُّهَا) أي: حروف ((نأتي)) (لَزِمْ) يعني: وجب (كَفَتْحِ سَابِقِ الَّذِي) كفتح حرف سابق الحرف (الَّذِي بِهِ) أي: الفعل (اخْتُتِمْ) هو أي المجهول، بقي الحرف الأخير من الفعل وحكمه أنه محلٌ للبناء والإعراب، يعني: لا نظرَ للصرفيين في الحرف الأخير من حيث الإعراب والبناء، لكنه من باب التتميم ذكره فقال:

وَآخِرٌ لَهُ بِمُقْتَضَى العَمَلْ ... مِنْ رَّفْعٍ اوْ نَصْبٍ كَذَا جَزْمٌ حَصَلْ

<<  <  ج: ص:  >  >>