الوارثون جمع وراث وهو مبتدأ مرفوع بالابتداء ورفعه الواو نيابة عن إيش؟ عن الضمة لماذا؟ لأنه جمع مذكر سالم، والوارثون جمع وارث وهو إذا اتصف بكونه أهلاً لأن يرث وذلك لا يكون إلا بعد تحقق السبب المقتضي للإرث (وَالْوَارِثُوْنَ من) من قالوا: بسكون الميم للوزن، وفي بعض النسخ في بدل من (والوارثون في الرجال) قوله: (الرِّجَالِ). هذا له مفهوم أم لا؟ جمع رجل، وحقيقة الرجل الذكر البالغ من بني آدم، إذًا من دون الرجال لا يرث وليس الأمر كذلك لأن الصبي يرث بل الحمل يرث بل النطفة إذا تحقق وجودها قبل موت المورث قلنا: إذا وُجد يرث، أليس كذلك؟ والنطفة لا تسمى رجلاً والصبي لا يسمى رجلاً، حينئذٍ ما المراد بالرجال؟ المراد بالرجال هنا الذكور، الذكر حينئذٍ يعم الذكر حقيقةً والذكر حُكمًا فيما إذا كان حملاً أو نطفة، إذا والوارثون من الرجال المراد بالرجال هنا جمع رجل والمراد به الذكر، وحينئذٍ يتعين حمله على ما يقابل النساء من أجل تعميمه فيشمل الصبيان، لأن الرجل في الأصل في لسان العرب: الذكر البالغ، وكل من لم يكن بالغًا لا يطلق عليه بأنه رجل، وهل هذا وصف للاحتراز؟ نقول: لا، ليس المراد، لكنه لَمِّا قسم الورثة إلى ذكور وإناث عَبَّر بما يقابل الإناث بالرجال. إذًا قوله:(مِنَ الرِّجَالِ) المراد ما قابل النساء، وهم الذكور فيشمل الصبيان، وسيأتي قوله في آخر الباب:(فَجُمْلَةُ الذُّكُوْرِ هَؤُلاَء ِ) إذا أراد بالرجال هنا الذكور، زد عليها حقيقةً أو حكمًا ليشمل الحمل، لأنهم ما كانوا يدرون هذا الحمل ذكر أو أنثى فهو داخل فيه، فعبر المصنف بالرجال ثم أشار بتفسيره في آخر الأبيات كما عبر النبي - صلى الله عليه وسلم - بالرجل ثم فسره بالذكر «ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فلأولى رجلٍ ذكر». قال رجل ثم قال ذكر، أولاً خصّ ثم عمّ فسر المراد بالرجل (وَالْوَارِثُوْنَ مِنَ الرِّجَالِ عَشَرَهْ) هذا خبر للمبتدأ، (عَشَرَهْ) إجمالاً باختصار لأن الطريق في عدِّ الورثة سواء كان من الرجال أو من الإناث إما على جهة الإجمال وهم عشرة، وإما على جهة التفصيل وهم خمس عشرة ذكرًا كما سيأتي بيانه (عَشَرَهْ ** أَسْمَاؤُهُمْ) أي أسماء هؤلاء الورثة من الرجال معروفة أي معلومة، (مُشْتَهِرَةْ) أي مشتِهرة أي مشهورة يعني معلومة عند الفرضيين وهي مشهورة، لماذا؟ لأنه مجمعٌ عليها، والشيء المجمع عليه يكون واضح بيِّن، فالأصل يعلمه العامي فضلاً عن الخواص، ولكن بعض المتواتر يكون خاصًا عند أهل العلم وبعضه يكون عامًا مشتركًا بين أهل العلم والعامة.
وَالْوَارِثُوْنَ من الرِّجَالِ عَشَرَهْ ... أَسْمَاؤُهُمْ مَعْرُوْفَةٌ ......
(مَعْرُوْفَةٌ) عبَّر بالمعرفة والمراد به العلم لأنه ذكر كليات، والمشهور عندهم عند أرباب الشروحات والحواشي أن ثَمَّ فرقًا بين العلم والمعرفة: