للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وَابْنُ الأَخِ) عرفنا الأخ وارث، وابنهُ [إذا أضمر في مقام أو] (١) أظهر في مقام الإضمار لأنه قال والأخ وابنهُ أي ابن الأخ ولكنه قيده هنا قال ... (الْمُدْلِيْ إِلَيْهِ بِالأَبِ) احترازًا من ابن الأخ لأم فإنه من ذوي الأرحام، وأما ابن الأخ الشقيق وابن الأخ لأب فهو من الورثة، وإن كان لا يرث بالفرض وإنما يرث بالتعصيب كما سيأتي.

إذًا السادس: (وَابْنُ الأَخِ الْمُدْلِيْ) وهذه صفة لابن أو للأخ؟ للأخ لأنه أراد الاحتراز من الأخ لأم، ابنهُ ليس بوارث، احترز به بقوله (الْمُدْلِيْ إِلَيْهِ بِالأَبِ) إليه الضمير يعود إلى الميت المعلوم من المقام، (وَابْنُ الأَخِ الْمُدْلِيْ) أدْلَ الدلوَ وبها أرسلها في البشر ليملأها، وفلان يعني أدلى بحجته أحضرها واحتج بها، وفلان برحمه توسل بها وتشفَّع. إذًا الْمُدْلِي هذا اسم فاعل من أدلى يُدلي فهو مُدلي، وأثبت الياء لوجود أل هنا أي المنتسب، إليه فهو مجرور متعلق بقوله المدلي لأنه اسم فاعل، بالأب هذا كذلك تعلق بقوله (الْمُدْلِيْ)، (بالأب) وحده وهو ابن الأخ للأب، أو مع الإدلاء بالأم أيضًا يعني من الجهتين، وهو ابن الأخ من الأبوين، يعني ابن الأخ الشقيق، وخرج بذلك المدلي بالأم وحدها وهو ابن الأخ من الأم فليس من الورثة وإنما هو من ذوي الأرحام، (وَابْنُ الأَخِ الْمُدْلِيْ إِلَيْهِ بِالأَبِ) إذًا ابن الأخ هذا صار اسمًا كليًّا لأنه دخل تحته اثنان، وهذا المراد بقوله (أَسْمَاؤُهُمْ مَعْرُوْفَةٌ مُشْتَهِرَةْ) أي من حيث كونها كليات، ولذلك قال هناك (الاِبْنُ وَابْنُ الاِبْنِ مَهْمَا نَزَلا) ابن الابن يدخل تحته ما لا ينحصر لأنه (مَهْمَا نَزَلا) يعني وإن (نَزَلا) إلى مائة يعني قد ينطوي تحت هذا اللقب ما لا ينحصر من الأفراد، ولذلك صار كليًّا، (فَاسْمَعْ) إذا عرفت ما ذكرته لك (فَاسْمَعْ) الفاء هذه الفصيحة (فَاسْمَعْ) سماع تدبر وتفهم وإذعان، (فَاسْمَعْ) سماع تدبر وهو تأمل للمعاني وتفهم إدراك للمعاني، وإذعان ورضً قلبي بها، يعني ليكن قلبك حاضرًا مع السماع {لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ} [ق: ٣٧] يعني شهيد بقلبه، وأما السمع المجرد الذي لا يكون معه تدبر للمعاني حتى في العلم ليس في القرآن فحسب هذا فائدة قليلة، ... (فَاسْمَعْ مَقَالاً) هذا مصدر ميمي أي قولاً صادقًا (لَيْسَ) هذا المقال ... (بِالْمُكَذَّبِ)، (لَيْسَ بِالْمُكَذَّبِ) لماذا؟ لأنه مجمع عليه (لَيْسَ بِالْمُكَذَّبِ) يعني لا يدخله الكذب لا من حيث ذاته وإنما من حيث ما يعرض له، لأن القرآن مثلاً قلنا: خبر: وهو يحتل الصدقة والكذب لذاته، أما من حيث نسبته إلى الله عز وجل لا يحتمل إلا الصدق. كذلك الإجماع لا يحتمل إلا الصدق، كذلك الخبر المتواتر لا يحتمل إلا الصدق، (فَاسْمَعْ مَقَالاً لَيْسَ بِالْمُكَذَّبِ) لأنه مجمع عليهم، وأما قول الشارح لوروده في القرآن العظيم هذا فيه نظر لأن توريث ابن الأخ لم يرد في القرآن كما جاء في السنة «ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فلأولى رحلٍ ذكرٍ». هذا نص في توريث ابن الأخ.


(١) سبق.

<<  <  ج: ص:  >  >>