قَسّم لك الإرث إما بالمعنى المصدري أو بالمعنى الاسمي كلاهما يصحان إلا أن الأول لا بد من التقدير في قوله:(فَرْضٌ وَتَعْصِيْبٌ) على ما ذهب إليه الشارح. (وَاعْلَمْ) هذه كلمة للتنبيه يعني يؤتى بها للتنبيه للاعتناء بما بعدها، (وَاعْلَمْ بِأَنَّ) والعم أيها الناظر بهذا الكتاب هكذا قدره الشارح، ومراده أن المخاطب غير معين وسبق معنا مرارًا، المخاطب هنا غير معين كما في قوله:{وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا}[سبأ: ٥١]. ترى الخطاب خرج لواحد لكن في الأصل المراد به العموم، هنا كذلك واعلم أنت لست التي تقرأ وإنما كل ناظر في هذا الكتاب، (وَاعْلَمْ بِأَنَّ) عدّاه بالباء إما أن يقال بأنه ضمنَّ (اعلم) معنى اجزم كما ذكره البيجوري، فعداه بالباء، أو أنها زائدة للوزن، والظاهر أن (اعلم) من العلم ومادة العلم يتعدّى بنفسه وبحرف الجر هذا الظاهر، {أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى}[العلق: ١٤] ألم يعلم أن الله يرى يتعدَّى بنفسه ويتعدى بالباء، أليس كذلك؟ {يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ} ... [البقرة: ٢٥٥] تعدّى بنفسه، فلا نحتاج أن نقول بأن للتضمين وغيره. (وَاعْلَمْ بِأَنَّ الإِرْثَ) الإرث بمعنى الموروث حق قابل للتجزي كما سبق ... (نَوْعَانِ) بأن الإرث نوعان، الإرث اسم أنّ ونوعان خبر أن، لأن الوارث إما له سهم مقدر شرعًا فإرثه بالفرض أولى من التعصيب، يعني لماذا انحصر في نوعين؟ نقول: لأن الوارث إما أن يكون له نصيب مقدر شرعًا أو لا، سبق أنه قد يرث ودلّ النص على بعض من سبق ذكره أنه يرث ولم يذكر له فرض، حينئذٍ إذا لم يذكر له فرض لا بد أنه يرث بنوع آخر وهو التعصيب. إذًا القسمة ثنائية لا ثالث لهما، إما له سهم مقدر شرعًا فإرثهُ بالفرض أولى فالتعصيب (وَاعْلَمْ بِأَنَّ الإِرْثَ نَوْعَانِ)، (هُمَا ** فَرْضٌ)، (هُمَا) مبتدأ، (فَرْضٌ) وها عطف عليه خبر المبتدأ، (هُمَا ** فَرْضٌ) أي النوعان (فَرْضٌ) أي إرث به، هكذا قال الشارح، وهذا أوّل لأن قوله: إرث هذا مصدر بالمعنى المصدري لا ينقسم الإرث إلى فرض وتعصيب، لأن الفرض والتعصيب هذا في شأن الموروث، حق قابل للتجزي هو الذي نقول: ربعه ونصفه ..