للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(هَذَا إِذَا كُنَّ لأُمٍّ وَأَبِ) هذا استدراك لما سبق، تقييد لأنه قال: (وَهْوَ لِلاُخْتَيْنِ) ومعلوم أن أختين يطلق ويراد به الشقائق ويطلق ويراد به لأب أو لأم ثلاثة، الأم ليست بواردة هنا حينئذٍ قال: (هَذَا) الحكم السابق وهو توريث الأختين الثلثين (إِذَا كُنَّ) أي الأخوات (لأُمٍّ وَأَبِ) وهما الشقائق، (أَوْ لأَبٍ) هذا النوع الثاني (أَوْ لأَبٍ) فقط احترز به عن الأخوات لأم، والأخوات لأب يأخذن الثلثين بخمسة شروط الأربعة السابقة في الشقائق، والخامسة عدم الأشقاء والشقائق، يعني الأخت لأب لا ترث الثلثين مع وجود الأخت الشقيقة ولا الأخ الشقيق فلا بد من عدمهم.

عدم الأشقاء والشقائق وإن كان من الأشقاء ولو واحدًا ذكرًا كان أو أنثى لم ترث الأخوات لأب الثلثين، بل يحجبن بالذكر وكذا بالشقيقتين إلا إن كان معهن من يعصبهن، أما الأخت الشقيقة الواحدة فترث معها الأخت أو الأخوات لأب السدس تكملة الثلثين كما سيأتي في باب السدس.

إذًا هذان النوعان الصنفان الأخوات الشقائق، والأخوات لأب.

وَهْوَ لِلأُخْتَيْنِ فَمَا يَزِيْدُ ... قَضَى بِهِ الأَحْرَارُ وَالْعَبِيْدُ

قال الشارح: وذكر الصنفين الثالث والرابع بقوله: (وَهْوَ) أي الفرض المذكور وهو الثلثان للأختين الشقيقتين أو الأب لا لأم فقط كما صرح به، (فَمَا يَزِيْدُ) عن اثنتين كثلاث وأربع، وهكذا (قَضَى بِهِ) أي بما ذكرته، وهذا تفسيرًا للضمير (قَضَى بِهِ) ما هو هذا الحكم السابق من فرض الثلثين مطلقًا يعني عن التقييد بصنف مخصوص فيكون راجعًا للإطلاق يعني للأصناف الأربعة، أو للأختين فأكثر، وهذا هو المتبادر يعني (قَضَى بِهِ) أي بهذا الحكم وهو كون للثلثين فرضًا للأختين. (الأَحْرَارُ وَالْعَبِيْدُ) أي أفتوا به. فإن العبد لا يكون قاضيًا، يعني: أوَّل قضى بمعنى أفتى، ونؤله تأويلاً آخرًا على ما ذكرناه، قضى على أصله وهو الاصطلاحي به الأحرار، لأن القاضي يكون حرًّا، وأما العبد فلا يكون قاضيًا حينئذٍ نقدر للعبيد من باب علفتها تبنًا وسقيتها ماءً، ولما كان إطلاق الأختين شاملاً للأختين من الأم صرح بأن المراد الأخوات لأبوين أو لأب لا لأم بقوله: (هَذَا إِذَا كُنَّ لأُمٍّ وَأَبِ) أي ما ذكر من فرض الثلثين لأختين فأكثر، (إِذَا كُنَّ) أي الأخوات لأم وأب وهن الشقيقات أو لأب فقط لا لأم فقط (فَاحْكُمْ)، وفي بعض النسخ فاعمل بهذا الحكم المذكور وهو كون الثلثين لأختين الشقيقة أو لأب أو كونهما للأصناف الأربعة، فيكون ماذا؟ عامًا، فاعمل بهذا، أي الحكم المذكور من الأصناف كلها الأربعة، أو في الأخير (تُصِبِ). هذا مجزوم في جواب الأمر وكسرت باؤه لصحة النظم. أصله يصبْ بالسكون لكنه كسر لأجل النظم من الصواب (تُصِبِ) مأخوذ من الصواب وهو موافقة الواقع ضد الخطأ ومخالفة الواقع، من قولهم: صاب السهم. هذا بدون همزة صوبًا واويًا وصِيبًا أو صَيْبًا يائيًا، وأصاب بالهمز وقع بالرمية بمعنى مرمية وهي ما يُرمى من الحيوان أو غيره بالسهم، والسحاب الموضع، أي: أصاب السحاب الموضع أمطره.

هذه أربعة أصناف ترث الثلثين ثم قال: (بَابُ الثُّلُث).

والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>